وفي السّحر من هذه الليلة خفق الحسين خفقة ثمّ استيقظ وأخبر أصحابه بأنّه رأى في منامه كلاباً شدّت عليه تنهشه وأشدّها عليه كلب أبقع ، وإنّ الذي يتولّى قتله من هؤلاء رجل أبرص.
وإنّه رأى رسول الله (ص) بعد ذلك ومعه جماعة من أصحابه وهو يقول له : «أنت شهيد هذه الاُمّة ، وقد استبشر بك أهل السّماوات وأهل الصفيح الأعلى وليكن افطارك عندي الليلة عجّل ولا تؤخّر ، فهذا ملك قد نزل من السّماء ليأخذ دمك في قارورة خضراء» (١).
وانصاع حامية الشريعة ظامئاً |
|
ما بلَّ غلَّته بعذب فراتها |
أضحى وقد جعلته آل اُميّة |
|
شبح السهام رميَّة لرماتها |
حتّى قضى عطشاً بمعترك الوغى |
|
والسمر تصدر منه في نهلاتها |
وجرت خيول الشرك فوق ضلوعه |
|
عدواً تجول عليه في حلباتها |
ومخدَّرات من عقائل أحمد |
|
هجمت عليها الخيل في أبياتها |
من ثاكل حرّى الفؤاد مروعة |
|
أضحت تجاذبها العدى حبراتها |
ويتمية فزعت لجسم كفيلها |
|
حسرى القناع تعجُّ في أصواتها |
أهوت على جسم الحسين وقلبها |
|
المصدوع كاد يذوب من حسراتها |
وقعت عليه تشمُّ موضع |
|
نحره وعيونها تنهلُّ في عبراتها |
ترتاع من ضرب السّياط فتنثني |
|
تدعو سرايا قومها وحماتها |
أين الحفاظ وفي الطّفوف دماؤكم |
|
سُفكت بسيف اُميّة وقناتها |
أين الحفاظ وهذه أشلاؤكم |
|
بقيت ثلاثاً في هجير فلاتها |
أين الحفاظ وهذه أبناؤكم |
|
ذُبحت عطاشى في ثرى عرصاتها |
أين الحفاظ وهذه فتياتكم |
|
حُملت على الأقتاب بين عداتها |
حملت برغم الدين وهي ثواكل |
|
عبرى تردّد بالشّجى زفراتها |
فمَن المعزِّي بعد أحمد فاطماً |
|
في قتل أبناها وسبي بناتها (٢) |
__________________
(١) نفس المهموم ص ١٢٥ ، عن الصدوق.
(٢) للعلامة السيد محمّد حسين الكيشوان ترجمته في شعراء الغري ٨ ص ٣.