لهفي على أبيه إذ رآه |
|
غارت لشدّة الظما عيناه |
||
ولَم يجد شربة ماء للصبي |
|
فساقه التقدير نحو الطلب |
||
وهو على الأبي أعظم الكرب |
|
فكيف بالحرمان من بعد الطلب |
||
من دمه الزاكي رمي نحو السما |
|
فما أجلّ لطفه وأعظما |
||
لَو كان لَم يرم به إليها |
|
لساخت الأرض بمَن عليها |
||
فاحمرّت السّماء من فيض دمه |
|
ويل من الله لهم من نقمه |
||
وكيف حال اُمّه حيث ترى |
|
رضيعها جرى عليه ما جرى |
||
غادرها كالدرّة البيضاء |
|
وعاد كالياقوتة الحمراء |
||
حنّت عليه حنّة الفصيل |
|
بكته بالإشراق والأصيل |
||
لهفي لها إذ تندب الرضيعا |
|
ندباً يحاكي قلبها الوجيعا |
||
تقول يا بني يا مؤملي |
|
يا منتهى قصدي وأقصى أملي |
||
جفّ الرضاع حين عزّ الماء |
|
أصبحت لا ماء ولا كلاء |
||
فساقك الظما إلى ريّ الردى |
|
كأنّما ريّك في سهم العدى |
||
يا ماء عيني وحياة قلبي |
|
من لبلائي وعظيم كربي |
||
رجوت أن تكون لي نِعم الخلف |
|
وسلوة لي عن مصابي بالسّلف |
||
ما خِلت أنّ السّهم للفطام |
|
حتّى أرتني جهرة أيامي (١) |
||
وتقدّم الحسين (ع) نحو القوم مصلتاً سيفه ، آيساً من الحياة ، ودعا النّاس إلى البراز ، فلم يزل يقتل كلّ مَن برز إليه حتّى قَتل جمعاً كثيراً (٢) ثمّ حمل على الميمنة وهو يقول :
الموت أولى من ركوب العار |
|
والعار أولى من دخول النّار (٣) |
وحمل على الميسرة وهو يقول :
أنا الحسين بن علي |
|
آليتُ أنْ لا أنثني |
__________________
(١) من اُرجوزة آية الله الحجّة الشيخ محمّد حسين الاصفهاني (قدس سره).
(٢) مقتل العوالم ص ٩٧ ، ومثير الأحزان لابن نما ص ٣٧ ، ومقتل الخوارزمي ٢ ص ٣٣.
(٣) في البيان والتبيين للجاحظ ٣ ص ١٧١ الطبعة الثانية ، تحت عنوان (كلام في الأدب) ، بعد أن ذكر هذا البيت اتبعه بقوله :
والله من هذا |
|
وهذا جار |