فيها تراب أرض كربلاء فإذا به يفور دماً (١) وهو الذي دفعه النّبي (ص) إليها وأمرها أنْ تحتفظ به ، وزاد على ذلك سماعها في جوف الليل هاتفاً ينعى الحسين (ع) فيقول :
أيّها القاتلون جهلاً حسيناً |
|
أبشروا بالعذاب والتنكيل |
قد لُعنتم على لسان ابن داود |
|
وموسى وصاحب الإنجيل (٢) |
كلّ أهل السّماء يدعو عليكم |
|
من نبيًّ ومرسل وقتيل (٣) |
وكانت تسمع في جَوف الليل أصوات نعي الحسين (ع) ولَم ترَ أحداً ، فمن ذلك :
ألا يا عينُ فاحتفلي بجهدٍ |
|
ومَنْ يبكي على الشهداء بعدي |
على رهط تقودهُمُ المنايا |
|
إلى متجبرٍ في ملك عبد (٤) |
ولمّا سمع ابن عبّاس بكاءها ، أسرع إليها يسألها الخبر ، فأعلمته بأنّ ما في القارورتين يفور دماً (٥).
وفي يوم عاشوراء رأى ابن عبّاس رسول الله صلّى الله عليه وآله أشعث مغبراً وبيده قارورة فيها دم فقال له : بأبي أنت واُمّي ما هذا؟ قال : «هذا دم الحسين وأصحابه لم أزل ألتقطه منذ اليوم» (٦).
ولأجل بقاء الحسين عارياً على وجه الصعيد ثلاثاً ، وهو علّة الكائنات ؛
__________________
(١) مرآة الجنان لليافعي ١ ص ١٣٤ ، كامل ابن الأثير ٤ ص ٣٨ ، ومقتل الخوارزمي ٢ ص ٩٥.
(٢) إلى هنا في مقتل الخوارزمي ٢ ص ٩٦ الفصل الثاني عشر.
(٣) الأبيات الثلاثة في تاريخ ابن عساكر ٤ ص ٣٤١. وفي تاج العروس ٧ ص ١٠٣ ، ذكر البيت الأول والثالث ، وفي روايته لعجزه (من نبي ومالك ورسول).
(٤) تاريخ ابن عساكر ٤ ص ٣٤١ ، والخصائص للسيوطي ٢ ص ١٢٧ ، ومجمع الزوائد ٩ ص ١٩٩ وتقدم في ص ٢٠٧ : إنّهم لمّا نزلوا (الخزيمية) سمعت زينب هاتفاً يقول : ألا يا عين ....
(٥) حديث القارورتين في معالم الزلفى ص ٩١ الباب التاسع والأربعون ، ومدينة المعاجز ص ٢٤٤ الباب التاسع والأربعون : كلاهما للسيد هاشم البحراني ومنتخب الطريحي ص ٢٣٥ المطبعة الحيدرية الطبعة الثالثة.
(٦) تاريخ ابن عساكر ٤ ص ٣٤٠ ، والخصائص الكبرى ٢ ص ١٢٦ ، وتاريخ الخلفاء ص ١٣٩ : كلاهما للسيوطي ، ومرآة الجنان لليافعي ١ ص ١٣٤ ، ومسند أحمد ١ ص ٢٤٢ ، والكواكب الدرّية للمناوي ١ ص ٥٦ ، وذخائر العقبى للمحب الطبري ص ١٤٨ ، وتهذيب التهذيب لابن حجر ٢ ص ٣٥٥ وكامل ابن الأثير ٤ ص ٢٨ ، والصواعق المحرقة ص ١١٦ ، وطرح التثريب ١ ص ٢٢ ، وتاريخ بغداد للخطيب ١ ص ١٤٢ ، والخطط المقريزيّة ٢ ص ٢٨٥ ، ومقتل الخوارزمي ٢ ص ٩٤ الفصل الثاني عشر وسِير أعلام النبلاء للذهبي ٣ ص ٢١٢.