لاشتقاقه من النّبي (ص) الذي هو علّة العلل المتفرّع من الشعاع الإلهيّ الأقدس ؛ أظلمت الدنيا ثلاثة أيام (١) واسودّت سواداً عظيماً (٢) حتّى ظنّ النّاس أنّ القيامة قامت (٣) وبدت الكواكب نصف النّهار (٤) وأخذ بعضها يضرب بعضاً (٥) ، ولَم يُرَ نور الشمس (٦) ، ودامت الدنيا على هذا ثلاثة أيّام (٧) ولا غرابة في اضمحلال نور الشمس في المدّة التي كان فيها سيّد شباب أهل الجنّة عارياً على وجه الصعيد ، إذ هو العلّة في مجرى الكَون لِما عرِفت من اشتقاقه من الحقيقة المحمّديّة التي هي علّة العلل والعقل الأول ، وحديث عرض الولاية على الموجودات ـ فمَن قَبِل عمَّت فائدته ، ومَن أبى عرى عن الفائدة ـ يؤكّد ذلك.
وإذا صحّ الحديث بتغيّر الكَون لأجل إبراز عظم نبيٍّ من الأنبياء حتّى غامت السّماء ومطرت حين استقى به أحد علماء النّصارى في سرّ مَن رأى (٨) مع أنّه لَم يكشف عن جسد ذلك النّبي ولا كانت أعضاؤه مقطّعة ، فاذاً كيف لا يتغيّر الكَون ولا يمحى نور الشمس والقمر وقد تُرك سيّد شباب أهل الجنّة على وجه الصعيد مجرّداً ومثَّلوا بذلك الهيكل القدسي كلّ مثلة؟!
ما للسّماء غداة اُردِي لم تمر |
|
والأرض يوم اُصيب لم تتصدّع |
__________________
(١) تاريخ ابن عساكر ٤ ص ٣٣٩ ، والخصائص الكبرى ٢ ص ١٢٦ ، والصواعق المحرقة ص ١١٦ : فيما جرى على الحسين (ع) ، والخطط المقريزية ٢ ص ٢٨٩ ، وتذكرة الخواص ص ١٥٥ ، والمقتل للخوارزمي ٢ ص ٩٠ : ولا ينبغي لغير الإمامي أنْ يُشكّك في هذا بعدما يقرأ نصّ القسطلاني في إرشاد السّاري شرح البخاري ٦ ص ١١٤ : أنّ الأرض اظلمّت لموت عمر.
(٢) الاتحاف بحبّ الأشراف ص ٢٤ ، وتهذيب التهذيب ٢ ص ٣٥٤ ، وتاريخ ابن عساكر ٤ ص ٣٣٩ ، ولا يسع أحداً إنكار هذا ، بعدما يحدّث ابن الجوزي في المنتظم ٧ ص ٢٤٤ حوادث سنة (٣٩٩) في شهر آب : أصاب الحاج بالثعلبية ريح سوداء اظلمّت الدنيا حتّى لَم يرَ بعضهم بعضاً.
(٣) الصواعق المحرقة ص ١١٦ ، والاتحاف ص ٢٤.
(٤) تهذيب التهذيب ١ ص ٣٥٤ ، والصواعق المحرقة ص ١١٦ ، والمقتل الخوارزمي ٢ ص ٨٩.
(٥) الاتحاف بحبّ الأشراف ص ٢٤ ، والصواعق المرحقة ص ١١٦ ، وتاريخ ابن عساكر ٤ ص ٣٣٩ وتاريخ الخلفاء ص ١٣٨ ، والكواكب الدرية ١ ص ٥٦.
(٦) مجمع الزوائد ٩ ص ١٩٧ ، وتاريخ الخلفاء ص ١٣٨ ، والمقتل للخوارزمي ٢ ص ٨٩ ، والاتحاف ص ٢٤ ، والصواعق المحرقة ص ١١٦ ، والكواكب الدرّية ١ ص ٥٦ : ولا غرابة فيه بعد أنْ كُسفت الشمس يوم موت إبراهيم ابن رسول الله ، كما نصّ عليه الزرقاني في شرح المواهب اللدنيّة ٣ ص ٢١٢ ، والجزري في اُسد الغابة ١ ص ٣٩ ، والعيني في عمدة القاري شرح البخاري ٣ ص ٤٧٢ باب كيفيّة صلاة الكسوف.
(٧) كامل الزيارات ص ٧٧ ، وهذا معنى ما تقدّم من أنّ الدنيا اظلمّت ثلاثة أيام.
(٨) الخرايج للراوندي ص ٦٤ طبعة الهند في معجزات الحسن العسكري (عليه السّلام).