إنّي لأعذر بعده الدّجى |
|
لَو لَم يلح والشمس لو لَم تطلع |
والشهب لَو أفلت وهذي السّحب لَو |
|
هي أقلعت والوحش لو لم ترتع |
والماء لو لم يصف والأشجار لو |
|
لم تزه والأطيار لو لم تسجع |
والريح عند هبوبها لو أنّها |
|
جاءت عواصفها بريحٍ زعزع |
وحرمت شرب الماء إنْ أنا عنده |
|
لم الف مكتئباً ولم استرجع |
رمتِ العدى قلبي بسهم الغدر إن |
|
لم يشجني رفع الكريم الأرفع |
وحُمِلْت فوق أجبَّ عارٍ ظالعٍ |
|
إن أنسَ حمل بنيهِ فوق الظّلّع (١) |
بلى ، لقد تغيّرت أوضاع الموجودات ، واختلفت الكائنات ، فبكته الوحوش وجرت دموعها رحمةً له. قال أمير المؤمنين (ع) : «بأبي واُمّي الحسين المقتول بظهر الكوفة ، والله كأنّي أنظر إلى الوحوش مادة أعناقها على قبره تبكيه ليلاً حتّى الصباح» (٢). ومطرت السّماء دماً (٣) فأصبحت الحباب والجرار وكلّ شيء ملآن دماً (٤) وحتّى بقي أثره على البيوت والجدران مدّة (٥) ، ولَم يُرفع حجر إلاّ وُجِد تحته دم عبيط (٦) حتّى في بيت المقدس (٧). ولمّا دخل الرأس المقدّس إلى قصر الإمارة سالت الحيطان دماً (٨) ، وخرجت نار من بعض جدران قصر الإمارة وقصدت
__________________
(١) للشيخ محمّد بن شريف بن فلاح الكاظمي صاحب القصيدة الكرّاريّة في مدح أمير المؤمنين ونظَمها سنة ١١٦٦ وقرَّضها ثمانية عشر شاعراً من اُدباء عصره ، والعينيّة تبلغ ٣٩ بيتاً في مجموعة عند الحجة الأميني صاحب الغدير وتقدّمت قطعة منها في عنوان (كربلاء).
(٢) كامل الزيارات لابن قولويه ص ٨٠.
(٣) الخصائص الكبرى ٢ ص ١٢٦ ، وتاريخ ابن عساكر ٤ ص ٣٣٩ وتذكرة الخواص ص ١٥٥ ، ومقتل الحسين للخوارزمي ٢ ص ٨٩ ، والخطط المقريزيّة ٢ ص ٩٨٩ ، والاتحاف بحبّ الأشراف ص ٢٥٥ ، والصواعق المحرقة ص ١١٦ ، والمناقب لابن شهر آشوب المتوفّى سنة (٥٨٨) ٢ ص ٢٠٦ و ١٨٢ : ومطر السماء دماً ذكره ابن الأثير في الكامل ٧ ص ٢٩ حوادث سنة (٢٤٦) والنّجوم الزاهرة ٢ ص ٣٢٢ ، وكنز العمّال ٤ ص ٢٩١ رقم ٥٨٦٨.
(٤) الخصائص الكبرى ٢ ص ١٢٦.
(٥) تاريخ ابن عساكر ٤ ص ٣٣٩ ، والصواعق المحرقة ص ١١٦.
(٦) تاريخ ابن عساكر ٤ ص ٣٣٩ ، والصواعق المحرقة ص ١١٦.
(٧) مجمع الزوائد للهيثمي ٩ ص ١٩٦ ، والخصائص الكبرى ٢ ص ١٢٥ ، وتاريخ الخلفاء للسيوطي ص ١٣٨ ، والعقد الفريد ٢ ص ٣١٥ ، في مقتل الحسين ، والكواكب الدريّة للمناوي ١ ص ٥٦ ، والمقتل للخوارزمي ٢ ص ٩٠.
(٨) تاريخ ابن عساكر ٤ ص ٣٣٩ ، والصواعق المحرقة ص ١١٦.