وسُبي عياله ، أنا ابن المذبوح بشطّ الفرات من غير ذحل ولا ترات ، أنا ابن من قُتل صبراً ، وكفى بذلك فخراً.
أيّها النّاس ناشدتكم الله هل تعلمون أنّكم كتبتم إلى أبي وخدعتموه وأعطيتموه من أنفسكم العهود والميثاق والبيعة ، وقاتلتموه؟ فتّباً لكم لِما قدّمتم لأنفسكم ، وسوأة لرأيكم ، بأيّة عين تنظرون إلى رسول الله؟ إذ يقول لكم : قتلتم عترتي ، وانتهكتم حرمتي ، فلستم من اُمّتي».
فارتفعت الأصوات بالبكاء وقالوا : هلكتم وما تعلمون.
ثمّ قال (عليه السّلام) : «رحم الله امرءاً قبِل نصيحتي ، وحفظ وصيّتي في الله وفي رسوله وأهل بيته ، فإنّ لنا في رسول الله اُسوة حسنة».
فقالوا بأجمعهم : نحن يابن رسول الله سامعون مطيعون حافظون لذمامك ، غير زاهدين فيك ، ولا راغبين عنك ، فمرنا بأمرك يرحمك الله ، فإنّا حرب لحربك ، وسِلم لسلمك ، نبرأ ممَّن ظلمك وظلمنا.
فقال (عليه السّلام) : «هيهات هيهات أيّها الغدرة المكرة ، حِيل بينكم وبين شهوات أنفسكم ، أتريدون أن تأتوا إليَّ كما أتيتم إلى أبي من قبل؟ كلاّ وربّ الراقصات ، فإنّ الجرح لمّا يندمل ، قُتل أبي بالأمس وأهل بيته ، ولَم ينس ثكل رسول الله وثكل أبي وبني أبي ، إنّ وجده والله لبين لهاتي ومرارته بين حناجري وحلقي ، وغصّته تجري في فراش صدري» (١)
مهلاً بني حرب فما قد نالنا |
|
فبعين جبّار السّما لم يكتم |
فكأنّني يوم الحساب بأحمد |
|
بالرسل يقدم حاسراً عن معصم |
ويقول ويلكم هتكتم حرمتي |
|
وتركتم الأسياف تنطف من دمي |
تدرون أيّ دم أرقتم في الثرى |
|
أمْ أيَّ خود سقتُمُ في المغنم |
أمن العدالة صونكم فتياتكم |
|
وحرائري تسبى كسبي الديلم |
والماء تورده يعافير الفلا |
|
وكبود أطفالي ظماء تضرم |
تالله لو ظفرت سراة الكفر في |
|
رهطي لما ارتكبوا لذاك المعظم |
يا ليت شعر محمّد ما فاتكم |
|
طعن الحناجر بعد حزّ الغلصم |
__________________
(١) الخطب كلّها ذكرها السيّد ابن طاووس في اللهوف ، وابن نما في مثير الأحزان.