ونجوم الهدى وأعلام التقى ، وغادرتْهم خيولك بأمرك فأصبحوا مصرّعين في صعيد واحد ، مزمّلين بالدماء مسلوبين بالعراء ، لا مكفّنين ولا موسّدين ، تسفي عليهم الرياح ، وتغزوهم الذئاب وتنتابهم عوج الضباع حتّى أتاح الله لهم قوماً لَم يشركوا في دمائهم ، فكفّنوهم وأجنّوهم ، وبهم والله وبي من الله عليك العذاب.! ومهما أنسى من الأشياء فلستُ أنسى تسليطك عليهم الدعيّ بن الدعيّ الذي كان للعاهرة الفاجرة البعيد رحماً ، اللئيم أباً واُمّاً ، الذي اكتسب أبوك في ادّعائه العار والمأثم والمذلّة والخزي في الدنيا والآخرة ؛ لأنّ رسول الله قال : «الولد للفراش ، وللعاهر الحجر». وإنّ أباك يزعم أنّ الولد لغير الفراش ، ولا يضير العاهر ، ويلحق به ولده كما يلحق به الولد الرشيد. ولقد أمات أبوك السُنّة جهلاً ، وأحيا الأحداث المضلّة عمداً.
ومهما أنسى من الأشياء ، فلستُ أنسى تسييرك حسيناً من حرم رسول الله إلى حرم الله تعالى ، وتسييرك إليه الرجال وإدساسك إليهم أنْ يقتلوه ، فما زلت بذلك وكذلك حتّى أخرجته من مكّة إلى أرض الكوفة تزأر به خيلك وجنودك زئير الأسد عداوةً منك لله ولرسوله ولأهل بيته. ثمّ كتبتَ إلى ابن مرجانة أنْ يستقبله بالخيل والرجال والأسنّة والسّيوف ، وكتبت إليه بمعاجلته وترك مطاولته حتّى قتلته ومَن معه من فتيان بني عبد المطّلب أهل البيت الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً ، ونحن كذلك لا كآبائك الجفاة أكباد الحمير ولقد علمت أنّه كان أعزّ أهل البطحاء قديماً وأعزَّه بها حديثاً ، لَو ثوى بالحرمين مقاماً واستحلَّ بها قتلاً ، ولكنّه كره أنْ يكون هو الذي يستحلّ به حرم الله وحرم الرسول وحرمة البيت الحرام ، فطلب الموادعة وسألكم الرجعة فطلبتم قلَّة أنصاره واستئصال أهل بيته كأنّكم تقتلون أهل بيت من الترك أو كابل. وكيف تجدني على ودّك وتطلب نصري فقد قتلتَ بني أبي ، وسيفك يقطر من دمي وأنت طلبة ثأري؟! فإنْ شاء الله لا يطل إليك دمي ، ولا تسبقني بثأري وإنْ تسبقنا فقتلتنا ما قتلت به النبيون فطلب دمائهم في الدماء ، وكان الموعد الله وكفى بالله للمظلومين ناصراً ، ومن الظالمين منتقماً.
والعجب كلّ العجب ما عشت يريك الدهر عجباً ، حملك بنات عبد المطّلب وأبناءهم اُغيلمةً صغاراً إليك بالشام! ترى أنّك قهرتنا وأنّك تذلّنا وبهم والله وبي مَنَّ الله عليك وعلى أبيك واُمّك من السّباء. وأيم الله إنّك لتصبح وتمسي آمناً