فضربه يزيد على صدره وقال : اسكت لا اُمّ لك (١).
وقال أبو برزة الأسلمي : أشهد لقد رأيت النّبي يرشف ثناياه وثنايا أخيه الحسن (ع) ويقول : «أنتما سيّدا شباب أهل الجنّة ، قَتل الله قاتلكما ، ولعنه وأعدّ له جهنّم وساءت مصيراً». فغضب يزيد منه وأمر به فاُخرج سحباً (٢).
والتفت رسول قيصر إلى يزيد وقال : إنّ عندنا في بعض الجزائر حافر حمار عيسى ، ونحن نحجّ إليه في كلّ عام من الأقطار ونهدي إليه النّذور ونعظّمه كما تعظّمون كتبكم ، فأشهد إنّكم على باطل (٣). فأغضب يزيد هذا القول وأمر بقتله ، فقام إلى الرأس وقبَّله ، وتشهّد الشهادتين ، وعند قتله سمع أهل المجلس من الرأس الشريف صوتاً عالياً فصيحاً «لا حول ولا قوّة إلاّ بالله» (٤).
ثمّ اُخرج الرأس من المجلس وصُلب على باب القصر ثلاثة أيّام (٥) ، فلمّا رأت هند بنت عمرو بن سهيل ، زوجة يزيد ، الرأس على باب دارها (٦) والنّور الإلهي يسطع منه ودمه طري لَم يجفّ ويُشمّ منه رائحةً طيّبةً (٧) دخلت المجلس مهتوكة الحجاب وهي تقول : رأس ابن بنت رسول الله على باب دارنا؟! فقام إليها
__________________
(١) تاريخ الطبري ٦ ص ٢٦٥ ، وكامل ابن الأثير ٤ ص ٣٧. وعجز البيت الثاني في مجمع الزوائد لابن حجر ٩ ص ١٩٨ ، ومناقب ابن شهر آشوب ٢ ص ٢٢٦ : (وبنت رسول الله ليس لها نسل) وفي البداية لابن كثير ٨ ص ١٩٣ : كان الحصين ينشد وذكر البيت الثاني موافقاً لمجمع الزوائد. وفي مثير الأحزان لابن نما ص ٥٤ : روى أنّ الحسن بن الحسن ـ وهو المثنّى ـ لمّا رأى يزيد يضرب رأس الحسين (ع) بالقضيب قال واذلاّه!
سميّة أمسى نسلها عدد الحصى |
|
وبنت رسول الله ليس لها نسل |
وفي تذكرة الخواص / ١٤٩ : لمّا بلغ الحسن البصري فعلة يزيد بالرأس ، تمثّل بالبيت الثاني. وفي الأغاني ١٢ / ٧١ : نسبهما إلى عبد الرحمن بن الحكم مع بيت ثالث. وفي مقتل الخوارزمي ٢ / ٥٦ : نسبهما إلى عبد الرحمن ابن الحكم أخي مروان.
(٢) اللهوف ص ١٠٢ ، واختصر الحديث في الفصول المهمّة ص ٢٠٥ ، وتاريخ الطبري ٦ ص ٢٦٧ ، ومناقب ابن شهر آشوب ٢ ص ٢٦.
(٣) الصواعق المحرقة ص ١١٩.
(٤) مقتل العوالم ص ١٥١ ، ومثير الأحزان لابن نما. وفي مقتل الخوارزمي ٢ ص ٧٢ ، ذكر محاورة النّصراني مع يزيد وقتْله ولَم يذكر كلام الرأس الأطهر.
(٥) الخطط المقريزيّة ٢ ص ٢٨٩ ، والاتحاف بحبّ الأشراف ص ٢٣ ، ومقتل الخوارزمي ٢ ص ٧٥ ، والبداية لابن كثير ٨ ص ٢٠٤ ، وسِيَر أعلام النّبلاء ٣ ص ٢١٦.
(٦) مقتل العوالم ص ١٥١ ، وتقدّم في المقدّمة من هذا الكتاب تعريف أبيها وعند مَن كانت.
(٧) الخطط المقريزيّة ٢ ص ٢٨٤.