سبحانه حيث يقول : (ثُمّ كَانَ عَاقِبَةَ الّذِينَ أَسَاءُوا السّوءى أَن كَذّبُوا بِآيَاتِ اللّهِ وَكَانُوا بِهَا يَسْتَهْزِئُونَ). أظننت يا يزيد حيث أخذت علينا أقطار الأرض ، وآفاق السّماء ، فأصبحنا نُساق كما تُساق الاُسارى أنّ بنا على الله هواناً وبك عليه كرامة ، وإنّ ذلك لعظم خطرك عنده ، فشمخت بأنفك ، نظرت في عطفك ، جذلان مسروراً ، حين رأيت الدنيا لك مستوسقة ، والاُمور متّسقة ، وحين صفا لك مُلكنا وسلطاننا ، فمهلاً مهلاً ، أنسيت قول الله تعالى : (وَلاَ يَحْسَبَنّ الّذِينَ كَفَرُوا أَنّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لأَنْفُسِهِمْ إِنّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُوا إِثْماً وَلَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ)؟!
أمن العدل يابن الطلقاء ، تخديرك حرائرك وإماءك ، وسَوقك بنات رسول الله سبايا ، قد هُتكت ستورهنَّ ، واُبديت وجوههنَّ ، تحدو بهنَّ الأعداء من بلد إلى بلد ، ويستشرفهنَّ أهل المناهل والمعاقل ، ويتصفح وجوههنَّ القريب والبعيد والدني والشريف ، ليس معهنَّ من حماتهنَّ حمي ولا من رجالهنَّ ولي ، وكيف يرتجي مراقبة مَن لفظ فوه أكباد الأزكياء ، ونبت لحمه من دماء الشهداء؟! وكيف يستبطأ في بغضنا أهل البيت مَن نظر إلينا بالشنف والشنآن ، والاحن والاضغان؟! ثمّ تقول غير متأثم ولا مستعظم :
لأهلّوا واستهلَّوا فرحاً |
|
ثمّ قالوا يا يزيد لا تُشل |
منحياً على ثنايا أبي عبد الله سيّد شباب أهل الجنّة تنكتها بمخصرتك ، وكيف لا تقول ذلك ، وقد نكأت القرحة ، واستأصلت الشأفة ، بإراقتك دماء ذريّة محمّد (صلّى الله عليه وآله) ونجوم الأرض من آل عبد المطّلب ، وتهتف بأشياخك زعمت أنّك تناديهم فلتردنّ وشيكاً مَوردهم ، ولتودنّ أنّك شللت وبكمت ولَم تكن قلتَ ما قلت وفعلتَ ما فعلت.
اللهمّ خُذ لنا بحقّنا ، وأنتقم ممَّن ظلمنا ، واحلل غضبك بمَن سفك دماءنا وقتل حماتنا.
فوالله ما فريتَ إلاّ جلدك ، ولا حززت إلاّ لحمك ، ولتردنّ على رسول الله (صلّى الله عليه وآله) بما تحمّلت من سفك دماء ذريّته ، وانتهكتَ من حرمته في عترته ولحمته ، حيث يجمع الله شملهم ، ويلمّ شعثهم ، ويأخذ بحقّهم ، (وَلاَ تَحْسَبَنّ الّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبّهِمْ يُرْزَقُونَ).