الكراهة (١) ، وجوّزوا السّجود على الحنطة والشعير والسّرير وظهر مصلٍّ أمامه يصلّي بمثل صلاته (٢) ، وإنْ اُريد نفسه فيكون الغرض من ذكره الإرشاد إلى أنّ الراجع في سجدة الشكر تعفير الجبين ، وإنّه للتذليل والبُعد عن الكبرياء ، ومن هذا الجملة في الحديث استظهر صاحب المدارك رجحان تعفير الجبينَين أيضاً ، وإليه أشار السيّد بحر العلوم (قدّس سرّه) في المنظومة ، قال في سجدة الشكر :
والخدُّ أوْلى وبه النصّ جلا |
|
وفي الجبين قد أتى محتملا |
وقد ورد تعفير الخدّين في سجدة الشكر (٢) وبه استحقّ موسى بن عمران (عليه السّلام) الزلفى من المناجاة (٣) ولَم يخالف الإماميّة في التعفير سواء اُريد من الجبين الجبهة أو نفسه ، وأهل السُنّة لَم يلتزموا بالتعفير في الصلاة أو سجدة الشكر مع أنّ النّخعي ومالكاً وأبا حنيفة كرهوا سجدة الشكر ، وإن التزم بها الحنابلة (٤) والشافعي (٥) عند حلول كلّ نعمة أو زوال نقمة.
الخلاصة في علائم المؤمن
لقد تجلّى ممّا ذكرناه في هذه الاُمور التي نصّ عليها الحديث بأنّها من علائم الإيمان أنّ المراد من (زيارة الأربعين) فيه إرشاد الموالين لأهل البيت (عليهم السّلام) إلى الحضور في مشهد الغريب المظلوم سيّد الشهداء (عليه السّلام) لإقامة العزاء وتجديد العهد بذكر ما جرى عليه من القساوة التي لَم يرتكبها أيّ أحد يحمل شيئاً من الإنسانيّة فضلاً عن الدِّين ، والحضور عند قبر الحسين (ع) يوم الأربعين من مقتله من أظهر علائم الإيمان.
ولا ينقضي العجب ممَّن يتصرّف في هذه الجملة بالحمل على زيارة أربعين
__________________
(١) الفقه على المذاهب الأربعة ١ ص ١٨٩.
(٢) البحر الرائق لابن نجيم ١ ص ٣١٩.
(٣) الكافي على هامش مرآة العقول ٣ ص ١٢٩ ، والفقيه للصدوق ص ٦٩ ، والتهذيب للشيخ الطوسي ١ ص ٢٦٦ ، في التعقيب.
(٤) الفقيه للصدوق ص ٦٩ ، في التعقيب.
(٥) المغني لابن قدامة ١ ص ٦٢٦ ، والفروع لابن مفلح ١ ص ٣٨٢.
(٦) كتاب الاُم ١ ص ١١٦ ، ومختصر المزني على هامشه ١ ص ٩٠ ، والوجيز للغزالي ١ ص ٣٢.