وزارها ، وقال : إنك لبقعة كثيرة الخير ، فيك يُدفن القمر الزاهر» (١).
وشاء إسماعيل ـ صادق الوعد ـ الأسوة به ؛ لمّا انُبأَ بشهادته ، فيكون الآخذ بثأره الإمامُ المنتظر عجل الله فرجه (٢).
واختار يحيى أن يُطاف برأسه |
|
وله التّأسّي بالحسين يكون |
وحديث مقتل الحسين (ع) أبكى الرسول الأقدس وأشجاه (٣) وهو حيٌّ ، فكيف به لو رآه صريعاً بكربلاء في عصابة من آله كأنهم مصابيح الدّجى ، وقد حلّؤوه ومَن معه عن الورد المباح لعامة الحيوانات؟!.
نعم ، شهد نبي الرحمة (ص) فلذة كبده بتلك الحالة التي تنفطر لها السموات ، ورأى ذلك الجمع المغمور بالاضاليل ، متألباً على استئصال آله من جديد الأرض ، فشاهده بعض مَن حضر ينظر الجمع مرة والسماء اُخرى ، مسلّماً للقضاء (٤).
ولما مرَّ أمير المؤمنين (عليه السّلام) بكربلاء في مسيره إلى صفين ، نزل فيها واومأ بيده إلى موضع منها ، فقال : «ههنا موضع رحالهم ، ومناخ ركابهم» ، ثم أشار إلى موضع آخر وقال : «ههنا مهراق دمائهم. ثقلٌ لآل محمّد ينزل ههنا» ، ثم قال : «واهاً لك يا تربة! ليحشرنَّ منك أقوام يدخلون الجنة بغير حساب» (٥) وأرسل عبرته ، وبكى مَن معه ؛ لبكائه. وأعلم الخواص من صحبه ، بأن ولده الحسين (ع) يقتل ههنا في عصابة من أهل بيته وصحبه ، هم سادة الشهداء ، لا يسبقهم سابق ، ولا يلحقهم لاحق (٦).
وفي حديثه الآخر ، بعد الإخبار بأن في موضع كربلاء تقتل فتية من آل محمد (ص) ، قال : «تبكي عليهم السماء والأرض (٧). بأبي مَن لا ناصر له إلا الله» (٨). ثم قال : «لا يزال
__________________
(١) كامل الزيارات لابن قولويه ، المتوفى سنة (٣٦٧) ص ٦٧
(٢) كامل الزيارات ص ٦٥.
(٣) خصائص السيوطي ٢ ص ١٢٥ من حديث ام الفضل وانس. ورواه الماوردي في أعلام النبوة ص ٨٣ من حديث عائشة أنها قالت : وكان في المجلس علي وأبو بكر وعمر وحذيفة وعمار وأبوذر. ورواه ابن حجر في مجمع الزوائد ٩ ص ١٨٨ عن عائشة. ورواه زكريا الانصاري في فتح الباقي شرح ألفية العراقي ، المطبوع في ذيل الألفية ١ ص ٢٥.
(٤) كامل الزيارات ص.
(٥) وقعة صفين لنصر بن مزاحم ص ١٥٧ ـ ١٥٩.
(٦) كامل الزيارات ص ٢٧.
(٧) دلائل النبوة ٣ ص ٢١١.
(٨) اُسد الغابة ٤ ص ١٦٩.