من هنا کانت الشهادة جزء لايتجزأ من خصائص حركة الامة المسلمة المتجهة نحو الله ... ومن هنا أيضا كان مفهوم الشهادة غامضا مدهشا للمجتمعات الاوربية الغارقة في صراع مادي مصلحي محموم.
دماء دماء الشهداء هي قوام حركة المجتمع الاسلامي وهي الطاقة المحركة لمسيرة التاريخ الاسلامي.
قُدّر لاهل بيت رسول الله صلى الله عليه وآله أن يكونوا في طليعة قوافل الشهداء التي صانت بدمها حركة المجتمع الاسلامي والمفاهيم الاسلامية الصحيحة.
وثورة الحسين تحتل مكانة الذرورة بين قوافل الشهداء، لانها رأس الحرية، ولانها حفلت بألوان التضحيات الجسيمة والمواقف البطولية مما جعلها تدخل في ضمير الامة، وتمدّ الجبال التالية بالعزم والقوّة وإبا الصيم. فهي أولا:
كسرت الاطار الديني المزّيف الذي أحاط الامويون به أنفسهم باعتبارهم خلفاء لرسول الله وفتحت الطريق أمام الثورة على كل ظالم ومنحرف مهما تشدّق كذبا بتمسكه بالاسلام.
وثانيا: أمدت الامة بالمعنوية اللازمة، ونبهتها على الحضيض الذي هوت اليه برضوخها واتكانتها وذلها.
وثالثا: خلقت مناقبية الثورة على الظلم في المجتمع الاسلامي مما ادّي الى نشوب ثورات عديدة على الظالمين مثل ثورة التوابين وثورة المدينة وثورة المختار الثقفي وثورة مطرف بن المغيرة وثورة ابن الاشعث وثورة زيد بن علي بن الحسين وثورة أبي السرايا ...
لولم تكن ثورة الحسين لتحوّل المجتمع الاسلامي الى مجتمع خاضع «بقناعة» الى منئق القوّة. ولمعدمت الساحة السلامية تلك المثل والقيم اللازمة لحركة التاريخ الاسلامي.
ثورة الحسين ظلمها معظم المؤرخين كما ظلموا كل الحركات الثورية ؛ لان كتاب التاريخ الاسلامي حرصوا غالبا على كسب