ابن مسلمة ومسروق والأحنف ندموا. وكان عبد الله بن عمر يقول عند الموت : إنّي أخرج من الدنيا وليس في قلبي حسرة ، إلا تخلّفي عن عليّ (ع). وكذا روي عن مسروق وغيره ؛ بسبب تخلفهم (١).
وقال ابن حجر العسقلاني ، المتوفّى سنة (٨٥٢) : كان الإمام علي بن أبي طالب على الحقِّ والصواب في قتال مَن قاتله في حروبه : الجمل وصفّين وغيرهما (٢).
ويحكي محمود العيني ، المتوفّى سنة (٨٥٥) عن الجمهور : أنّهم صرّحوا بأنّ علياً (ع) وأشياعه كانوا مصيبين ؛ إذ كان عليّ (ع) أحقَّ الناس بالخلافة ، وأفضل مَن على وجه الدنيا حينئذ (٣).
وقال ابن حجر الهيثمي ، المتوفّى سنة (٩٧٤) : إنّ أهل الجمل وصفّين رموا علياً (ع) بالمواطاة مع قتلة عثمان ، وهو بريء من ذلك وحاشاه (٤). ثمّ قال : ويجب على الإمام قتال البغاة ؛ لإجماع الصحابة عليه ، ولا يقاتلهم حتّى يبعث إليهم أميناً عدلاً فطناً ناصحاً يسألهم عمّا ينقمونه على الإمام ؛ تأسّياً بعليّ (ع) في بعثه
__________________
(١) الفروع ٣ ص ٥٤٢ ـ ٥٤٣.
(٢) فتح الباري ١٢ ص ٢٤٤ كتاب استتابة المرتدّين ـ باب ترك قتال الخوارج.
(٣) عمدة القاري ١١ ص ٣٤٦ كتاب الفتن.
(٤) في الكامل لابن الأثير ٢ ص ٢٤٠ ، كان محمّد بن سيرين يقول : ما علمت أن علياً اتُّهم في قتْل عثمان حتّى بويع ، إتّهمه الناس. وفي التمهيد للباقلاني ص ٢٣٥ كان علي (ع) يقول بالبصرة : «والله ما قتلت عثمان ، ولا مالأت على قتله ، ولكنّ الله قتله وأنا معه» فظنّ قوم أنه أخبر عن نفسه بالقتل بقوله : «وأنا معه» وإنّما أراد الله أن أماته ويميتني معه ؛ لأنّه حلف وهو الصادق : أنّه ما قتله ولا مالأ عليه. وفي العقد الفريد ٢ ص ٢٧٤ في باب براءة علي من دم عثمان : كان علي (ع) في الكوفة يقول : «ولئن شاءت بنو اُمية لاُباهلنّهم عند الكعبة خمسين يميناً ما بدأت في حقِّ عثمان بشيء». وفي مجموع الفتاوى المصريّة لابن تيمية ٤ ص ٢٢٤ كان علي (ع) يحلف وهو البار الصادق بلا يمين : أنه لم يقتل عثمان ، ولا رضي بقتله. وفي تاج العروس ٨ ص ١٤١ مادة (نفل) ، النفل : الحلف ، ومنه حديث علي (ع) : «لوددت أن بني اُمية رضوا ، ونفلنا خمسين من بني هاشم يحلفون ما قتلنا عثمان ، ولا نعلم له قاتلاً» ، أي : حلفنا لهم خمسين يميناً على البراءة. وفي إصلاح المنطق لابن السكيت ص ١٧٠ باب ما يُهمز وترك العامة همزه ، في مادة (ملأ) : يروى عن علي بن أبي طالب أنه قال : «والله ما قتلت عثمان ، ولا مالأت على قتله» ، والتمالؤ : الإجتماع على الأمر. وفي كتاب صفين لنصر بن مزاحم ص ٦٠ ، قُتل المغيرة بن الأخنس يوم الدار مع عثمان ، فقال ابنه شعراً يعذر علياً عن الإشتراك مع القوم ، فقال من أبيات :
فأمّا علي فاستغاث ببيته |
|
فلا آمرٌ فيها ولم يك ناهيا |
ولابن أبي الحديد كلمة في شرح النهج ١ / ١١٢ تدل على فقهه بالحوادث فقال : كان معاوية شديد الإنحراف عن علي (ع) ؛ لأنه يوم بدر قتل أخاه حنظلة ، وخاله الوليد ، وشرك في جدِّه عتبة أو عمّه شيبة ، وقتل من أعيان بني عبد شمس وأمثالهم نفراً كثيراً ؛ فمن هناك أشاع نسبة قتل عثمان إليه أو انضواء القتلة إليه. وفي الكامل للمبرد ٢ / ٢٤٠ كان عروة بن الزبير يقول : كان علي (ع) أتقى لله من أن يعين على قتل عثمان.