وخيار الاُمّة من كلّ ما يرون من الخير ، إلى أنْ ظهرت الحروريّة المارقة ، فقاتلوا أمير المؤمنين علياً ومَن معه ، فقتلهم بأمر الله تعالى ورسول الله (ص) ؛ طاعةً لقول النّبي (ص) : إنّ الطائفة المارقة يقتلها أدنى الطائفتين إلى الحقِّ ، فكان علي بن أبي طالب ومَن معه هم الذين قاتلوهم ؛ فدلَّ كلام النبي (ص) على أنّهم أدنى إلى الحقِّ من معاوية ومَن معه (١).
وقال : كلّ فرقة من المتشيّعين مُقرّة بأنّ معاوية ليس كفؤاً لعليّ (ع) بالخلافة ، ولا يجوز أنْ يكون خليفة مع إمكان استخلاف عليّ (ع) ؛ فإنّ فضل عليّ وسابقته وعلمه ودينه وشجاعته وسائر فضائله ، كانت عنده ظاهرة معروفة ، ولمْ يكن بقي من أهل الشورى غيره وغير سعد ، وقد ترك سعد هذا الأمر ، وتوفّي عثمان فلمْ يبقَ لها معين إلا عليّ (٢).
وقال الزيلعي ، المتوفّى سنة (٧٦٢) : كان الحقُّ بيد عليّ (ع) في نوبته ، فالدليل عليه ؛ قول النّبي (ص) لعمّار : «تقتلك الفئة الباغية» ، ولا خلاف أنّه كان مع علي (ع) وقتَله أصحاب معاوية. ثمّ قال : أجمعوا على أنّ علياً كان مصيباً في قتال أهل الجمل ؛ وهم طلحة والزبير وعائشة ومَن معهم ، وأهل صفّين ؛ وهم معاوية وعسكره. ثمّ قال : لمّا ولي عليّ (ع) الخلافة ، وكان معاوية بالشام قال : لا ألي له شيئاً ، ولا اُبايعه ، ولا أقدِم عليه (٣).
وقال ابن القيّم الجوزيّة ، المتوفّى سنة (٧٥١) : كان عليّ في وقته سابق الاُمّة وأفضلها ، ولمْ يكن فيهم حين وليها أولى بها منه (٤).
وقال أبو عبد الله بن محمّد بن مفلح الحنبلي ، المتوفّى سنة (٧٦٣) : كان عليّ (ع) أقرب إلى الحقِّ من معاوية ، وأكثر المنصفين في قتال أهل البغي يرى القتال من ناحية علي (ع) ، ومنهم من يرى الإمساك. وقال ابن هبيرة في حديث أبي بكرة في ترك القتال في الفتنة ، أي في قتل عثمان : فأمّا ما جرى بعده ، فلمْ يكن لأحد من المسلمين التخلّف عن عليّ (ع) ، ولمّا تخلّف عنه سعد وابن عمر واُسامة ومحمد
__________________
(١) مجموع فتاوى ابن تيمية ٢ ص ٢٥١.
(٢) المصدر نفسه ٤ ص ٢٢٤.
(٣) نصب الراية ٤ ص ٦٩ في تخريج أحاديث الهداية ـ كتاب أدب القاضي.
(٤) بدائع الفوائد ٣ ص ٢٠٨ لابن القيّم الجوزية.