الذهن ان سببه انعکاس اشعة الشمس عليه.
وهذا القياس المقارن للحدس يختلف باختلاف العلل في ماهياتها باختلاف الموارد وليس کذلک المجربات فان لها قياسا واحدا لا يختلف لأن السبب فيها غير معلوم الماهية الا من جهة کونه سببا فقط. وهذه الجهة لا تختلف باختلاف الموارد.
وذلک لأن الفرق بين المجربات والحدسيات أن المجربات انما يحکم فيها بوجود سبب ما وأن هذا السبب موجود في الشيء الذي تتفق له هذه الظاهرة دائما من غير تعيين لماهية السبب. اما في الحدسيات فانها بالاضافة الى ذلک يحکم فيها بتعيين ماهية السبب انه أي شيء هو وفي الحقيقة ان الحدسيات مجربات مع اضافة والاضافة هي الحدس بماهية السبب ولذا ألحقوا الحدسيات بالمجربات. قال الشيخ العظيم خواجا نصير الدين الطوسي في شرح الاشارات : «ان السبب في المجربات معلوم السببية غير معلوم الماهية وفي الحدسيات معلوم بالوجهين».
ومن مارس العلوم يحصل له من هذا الجنس على طريق الحدس قضايا کثيرة قد لا يمکنه اقامة البرهان عليها ولا يمکنه الشک فيها. کما لا يسعه أن يشرک غيره فيها بالتعليم والتلقين الا أن يرشد الطالب الى الطريق التي سلکها. فان استطاع الطالب بنفسه سلوک الطريق قد يفضيه الى الاعتقاد اذا کان ذا قوة ذهنية وصفاء نفس. فلذلک لو جحد مثل هذه القضايا جاحد فان الحادس يعجز عن اثباتها له على سبيل المذاکرة والتلقين ما لم يحصل للجاحد نفس الطريق الى الحدس.
وکذلک المجربات والمتواترات لا يمکن اثباتها بالمذاکرة والتلقين ما لم يحصل للطالب ما حصل للمجرب من التجربة وللمتيقن بالخبر من التواتر. ولهذا يختلف الناس في الحدسيات والمجربات والمتواترات وان کانت کلها من أقسام البديهيات. وليس کذلک الاوليات فان الناس في اليقين بها شرع سواء وکذلک المحسوسات عند من کانوا صحيحي الحواس. ومثلها الفطريات الآتي ذکرها.
٦ ـ الفطريات
وهي القضايا التي قياساتها معها أي ان العقل لا يصدق بها بمجرد تصور