.................................................................................................
______________________________________________________
يحتاج إليه الإنسان إمّا لجلب المنفعة أو لدفع الضرر منصرفة كسائر الألفاظ الواردة في الكتاب والسنّة إلى المتعارف ، بحيث يصدق عرفاً أنّه محتاج إليه بحسب شؤونه اللّائقة به لنفسه ولمن ينتمي إليه ، ولأجله يختلف تشخيصه باختلاف الشؤون والاعتبارات ، فربّ مصرف يكون مناسباً لشأن أحد دون غيره بحيث يعدّ إسرافاً في حقّه ، فيستثنى بالإضافة إلى الأوّل دون الآخر.
هذا كلّه في الأُمور الدنيويّة.
وأمّا بالإضافة إلى العبادات والأُمور القربيّة من صدقة أو زيارة أو بناء مسجد أو حجّ مندوب أو عمرة ونحو ذلك من سائر الخيرات والمبرات ، فظاهر عبارة المتن وصريح غيره جريان التفصيل المزبور فيه أيضاً ، فيلاحظ مناسبة الشأن ، فمن كان من شأنه هذه الأُمور تستثني وتعدّ من المؤن ، وإلّا فلا.
ولكن الظاهر عدم صحّة التفصيل هنا ، فإنّ شأن كلّ مسلم التصدِّي للمستحبّات الشرعيّة والقيام بالأفعال القربيّة ، امتثالاً لأمره تعالى وابتغاءً لمرضاته وطلباً لجنّته ، وكلّ أحد يحتاج إلى ثوابه ويفتقر إلى رضوانه ، فهو يناسب الجميع ، ولا معنى للتفكيك بجعله مناسباً لشأن مسلم دون آخر ، فلو صرف أحد جميع وارداته بعد إعاشة نفسه وعائلته في سبيل الله ذخراً لآخرته ولينتفع به بعد موته كان ذلك من الصرف في المئونة ، لاحتياج الكلّ إلى الجنّة ، ولا يعدّ ذلك من الإسراف أو التبذير بوجه بعد أمر الشارع المقدّس بذلك ، وكيف يعدّ الصرف في الصدقة أو العمرة ولو في كلّ شهر أو زيارة الحسين (عليه السلام) كلّ ليلة جمعة أو في زياراته المخصوصة من التفريط والخروج عن الشأن بعد حثّ الشريعة المقدّسة المسلمين عليها حثّا بليغاً؟! فالإنصاف أنّ كلّ ما يصرف في هذا السبيل فهو من المؤن قلّ أم كثر. والتفصيل المزبور خاصّ بالأُمور الدنيويّة حسبما عرفت.