.................................................................................................
______________________________________________________
ورد في صحيح البخاري والترمذي : أنّ رجلاً من بني عبد قيس جاء إلى النبيّ (صلّى الله عليه وآله) فلمّا أراد الانصراف أمره (صلّى الله عليه وآله) بالصلاة والصيام والزكاة وإعطاء الخمس ممّا غنم (١). فإنّ من الواضح عدم إرادة الخمس من غنائم دار الحرب ، لعدم فرض قتال أو غزو ، بل المراد خمس الأرباح والمتاجر كما لا يخفى.
والإنصاف أنّه لم يتّضح لدينا بعد ، ماذا كانت الحالة عليه في عصره (صلّى الله عليه وآله) ، بالإضافة إلى أخذ هذا النوع من الخمس وعدمه ، كيف؟! والعهد بعيد والفصل طويل ، وقد تخلّل بيننا عصر الأُمويّين الذين بدّلوا الحكومة الإسلاميّة حكومةً جاهليّة ، ومحقوا أحكام الدين حتى أنّ كثيراً من الناس لم يعرفوا وجوب الزكاة الثابت بنصّ القرآن كما يحكيه لنا التأريخ والحديث.
بل في صحيح أبي داود وسنن النسائي : أنّ أكثر أهل الشام لم يكونوا يعرفون أعداد الفرائض.
وعن ابن سعد في الطبقات : أنّ كثيراً من الناس لم يعرفوا مناسك حجّهم.
وروى ابن حزم عن ابن عباس : أنّه خطب في البصرة وذكر زكاة الفطرة وصدقة الصيام فلم يعرفوها حتى أمر من معه أن يعلّم الناس.
فإذا كان الحال هذه بالإضافة إلى مثل هذه الأحكام التي هي من ضروريّات الإسلام ومتعلّقة بجميع الأنام فما ظنّك بمثل الخمس الذي هو حقّ خاصّ له ولقرابته ولم يكن من الحقوق العامّة كما في الزكاة ، بل لخصوص بني هاشم زادهم الله عزّاً وشرفاً ، فلا غرابة إذن في جهلنا بما كان عليه أمر الخمس في عصره (صلّى الله عليه وآله) أخذاً وصرفاً.
إلّا أنّ هذا كلّه لا يكشف عن عدم الوجوب ، وعدم الوصول لا يلازم عدم
__________________
(١) صحيح البخاري ٢ : ١٣١ ، سنن الترمذي ٥ : ٨ / ٢٦١١.