.................................................................................................
______________________________________________________
على خلاف التقيّة ، ولو بيّن خلافه لكان كذباً ، ومن ثمّ أعرض واقتصر على حكم الأوّل.
وكيفما كان ، فهذه الرواية غير صالحة للاستناد إليها بوجه ، فتبقى صحيحة البزنطي سليمة عن المعارضة.
ثالثها : أنّ إرادة الخمس من الصحيح يستلزم ارتكاب التقييد ببلوغ العشرين في صحيحة ابن مسلم المصرّحة بوجوب الخمس في الملح المتّخذ من الأرض السبخة المالحة (١).
وهو كما ترى ، إذ قلّما يتّفق في مثله بلوغ النصاب المزبور ، فيلزم منه حمل المطلق على الفرد النادر ، ولا سيّما إذا اعتبرنا في الإخراج أن يكون دفعة واحدة ، فإنّ فرض كون الخارج بمقدار عشرين ديناراً نادرٌ جدّاً ، فلا مناص من إنكار النصاب في المعادن ، وحمل الصحيح على إرادة الزكاة تقيّةً كما سبق.
وفيه أوّلاً : منع الندرة ، سيّما في الأمكنة التي يعزّ وجود الملح فيها وخصوصاً فيمن اتّخذ الملاحة مكسباً ومتجراً له يستعين للاستخراج بعمّال خاصّة ، بل لعلّ الغالب في ذلك بلوغ ما يتّخذ من معدنه حدّ النصاب ، سواء اتّخذ من صفحة الجبل وهو الملح الحجري أم من سطح الأرض ، ولعلّ البلوغ في الأوّل أسرع. وكيفما كان ، فالندرة غير مسلّمة ، ولا أقلّ أنّها غير مطّردة حسبما عرفت.
وثانياً : سلّمنا ذلك ، ولكن المحذور إنّما يتوجّه لو كان الحكم في الصحيحة متعلّقاً بالملح بما هو ملح ، وليس كذلك ، بل عُلِّق عليه بما أنّه معدن ، حيث قال (عليه السلام) : «هذا المعدن فيه الخمس» ، فموضوع الحكم هو المعدن ، والملح
__________________
(١) الوسائل ٩ : ٤٩٢ / أبواب ما يجب فيه الخمس ب ٣ ح ٤.