بأن يكون له ، لأنّه تعالى خلق الناس لعبادته ، وخلق ما خلق لهم ليتوسّلوا به إلى طاعته ، فهو جدير بأن يكون للمطيعين. (مِنْهُمْ) من بني النضير ، أو من جميع الكفرة (فَما أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ) فما أجريتم على تحصيله. من الوجيف ، وهو سرعة السير. (مِنْ خَيْلٍ وَلا رِكابٍ) ما يركب من الإبل غلّب فيه كما غلّب الراكب على راكبه.
والمعنى : وما تعبتم عليه بركض الخيل والركاب وعدوهما ، وإنّما مشيتم إليه على أرجلكم. وذلك لأنّ قرى بني النضير كانت على ميلين من المدينة ، فمشوا إليها رجالا غير رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فإنّه ركب حمارا ، وقيل : جملا ، ولم يجر قتال ، ولذلك قسّم الفيء بين المهاجرين ، ولم يعط الأنصار منه شيئا ، إلّا ثلاثة كانت بهم حاجة.
(وَلكِنَّ اللهَ يُسَلِّطُ رُسُلَهُ عَلى مَنْ يَشاءُ) وعلى ما في أيديهم ، بقذف الرعب في قلوبهم. فالأمر فيه مفوّض إليه ، يضعه حيث يشاء. يعني : أنّه لا يقسّم قسمة الغنائم الّتي قوتل عليها وأخذت عنوة وقهرا (وَاللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) فيفعل ما يريد تارة بالوسائط الظاهرة ، وتارة بغيرها.
ثمّ أمر رسوله أن يضع الفيء حيث يضع الخمس من الغنائم ، مقسوما على الأقسام الستّة ، فقال :
(ما أَفاءَ اللهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرى) من أموال الكفّار. وهذا بيان للأوّل ، ولذلك لم يعطف عليه. (فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبى) من أهل قرابته ، وهم بنو هاشم (وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ) منهم ، لأنّ التقدير : ولذي قرباه ، ويتامى أهل بيته ، ومساكينهم ، وابن السبيل منهم. ويؤيّده ما روى المنهال بن عمرو ، عن عليّ بن الحسين عليهالسلام قال : «قلت : قوله : (وَلِذِي الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ) قال : هم قربانا ، ومساكيننا ، وأبناء سبيلنا».