ثمّ قال سبحانه لنبيّه صلىاللهعليهوآلهوسلم تهييجا للتصميم على معاصاتهم : (فَلا تُطِعِ الْمُكَذِّبِينَ) بتوحيد الله وبنبوّتك (وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ) لو تلين وتصانع ، بأن تدع نهيهم عن الشرك ، أو توافقهم فيه أحيانا (فَيُدْهِنُونَ) خبر مبتدأ محذوف ، أي : فهم يدهنون ، كقوله تعالى : (فَمَنْ يُؤْمِنْ بِرَبِّهِ فَلا يَخافُ بَخْساً) (١). ولهذا رفع ولم ينصب بإضمار «أن» ليكون جواب التمنّي.
والمعنى : فهم يلاينونك بترك الطعن والموافقة. كما روي أنّهم كانوا أرادوه على أن يعبد الله مدّة وآلهتهم مدّة ، ويكفّوا عنه غوائلهم.
والفاء للعطف ، أي : ودّوا التداهن وتمنّوه ، لكنّهم أخّروا ادّهانهم حتّى تدهن.
أو للسببيّة ، أي : ودّوا لو تدهن ، فهم يدهنون حينئذ. أو ودّوا ادّهانك ، فهم الآن يدهنون طمعا في ادّهانك.
(وَلا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ) كثير الحلف في الحقّ والباطل. وكفى به مزجرة لمن اعتاد الحلف. ومثله قوله تعالى : (وَلا تَجْعَلُوا اللهَ عُرْضَةً لِأَيْمانِكُمْ) (٢). (مَهِينٍ) حقير الرأي. من المهانة ، وهي القلّة والحقارة. يريد القلّة في الرأي والتمييز. وعن ابن عبّاس : أي : كذّاب ، لأنّ الكذّاب حقير عند الناس.
(هَمَّازٍ) عيّاب ، طعّان. وعن الحسن : يلوي شدقيه في أقفية الناس.
(مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ) نقّال للحديث على وجه السعاية.
(مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ) يمنع الناس عن الخير ، من الإيمان والإنفاق والعمل الصالح (مُعْتَدٍ) متجاوز في الظلم (أَثِيمٍ) كثير الآثام.
(عُتُلٍ) جاف ، غليظ ، شديد الخصومة بالباطل. من : عتله إذا قاده بعنف وغلظة.
__________________
(١) الجنّ : ١٣.
(٢) البقرة : ٢٢٤.