(بَعْدَ ذلِكَ) بعد ما عدّ من المعائب والنقائص (زَنِيمٍ) دعيّ ملصق إلى قوم ليس منهم في النسب ، أي : مولود على الزنا. من زنمتي الشاة ، وهما المتدلّيتان من أذنها وحلقها ، لأنّهما زائدتان. قال حسّان :
وأنت زنيم نيط في آل هاشم |
|
كما نيط خلف الراكب القدح الفرد (١) |
فلمّا كان الدعيّ زائدا في القوم ليس منهم فهو معلّق بغيرهم.
وقيل : هو الوليد بن المغيرة المخزومي كان موسرا ، وكان له عشرة من البنين ، فكان يقول لهم وللحمته (٢) : من أسلم منكم منعته رفدي. وكان دعيّا في قريش ليس من سنخهم ، ادّعاه أبوه بعد ثمان عشرة من مولده. وقيل : بغت أمّه ، ولم يعرف حتّى نزلت هذه الآية.
واعلم أنّ الله سبحانه جعل جفاءه ودعوته أشدّ معايبه ، لأنّه إذا جفا وغلظ طبعه قسا قلبه ، واجترأ على كلّ معصية. والنطفة إذا خبثت خبث الناشئ منها ، ومن ثمّ قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «لا يدخل الجنّة ولد الزنا ، ولا ولده ، ولا ولد ولده».
وقيل : نزلت في الأخنس بن شريق ، أصله من ثقيف ، وعداده في زهرة.
(أَنْ كانَ ذا مالٍ وَبَنِينَ * إِذا تُتْلى عَلَيْهِ آياتُنا قالَ أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ) أي : كذّب بآياتنا حينئذ ، ونسبها إلى أحاديث الأوائل الّتي سطرت وكتبت لا أصل لها ، لأنّه كان متموّلا مستظهرا بالمال والبنين من فرط غروره. والعامل في «أن كان» مدلول «قال» الّذي هو جواب «إذا» ، وهو ما دلّت عليه الجملة من معنى التكذيب ، لا نفسه ، لأنّ ما بعد الشرط لا يعمل فيما قبله. ويجوز أن يكون علّة لـ «لا تطع» أي : لا
__________________
(١) لحسّان بن ثابت يخاطب الوليد بن المغيرة بأنّه زنيم ، أي : معلّق في آل هاشم كزنمتي الشاة. فشبّهه بالزنمة وبالقدح المنفرد المعلّق خلف الراكب. انظر ديوان حسّان (طبعة دار صادر) : ٨٩.
(٢) اللحمة : القرابة.