خيرها ، لجنايتنا على أنفسنا.
(قالَ أَوْسَطُهُمْ) أعدلهم رأيا وخيرهم. من قولهم : هو من سطة خيار قومه ، وأعطني من سطات مالك. ومنه. قوله تعالى : (أُمَّةً وَسَطاً) (١). وقيل : أوسطهم سنّا. (أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ لَوْ لا تُسَبِّحُونَ) لو لا تذكرون الله وتتوبون إليه من خبث نيّتكم.
وقد روي : أنّه قال أوسطهم حين عزموا على ذلك : اذكروا الله وانتقامه من المجرمين ، وتوبوا عن هذه العزيمة الخبيثة من فوركم ، وسارعوا إلى حسم شرّها قبل حلول النقمة. فعصوه ، فعيّرهم. والدليل عليه قوله : (قالُوا) اعترافا بظلمهم في منع المعروف (سُبْحانَ رَبِّنا) نزّهناه عن الظلم ، فلم يفعل بنا ما فعله ظلما (إِنَّا كُنَّا ظالِمِينَ) فتكلّموا بما كان يدعوهم إلى التكلّم به على أثر مقارفة الخطيئة ، ولكن بعد خراب البصرة.
وقيل : المراد بالتسبيح الاستثناء ، لتشاركهما في معنى التعظيم لله ، لأنّ الاستثناء تفويض إليه ، والتسبيح تنزيه له ، وكلّ واحد من التفويض والتنزيه تعظيم.
وعن الحسن : هو الصلاة. كأنّهم كانوا يتوانون في الصلاة ، وإلّا لنهتهم عن الفحشاء والمنكر ، ولكانت لهم لطفا في أن يستثنوا ولا يحرموا.
(فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ يَتَلاوَمُونَ) يلوم بعضهم بعضا ، فإنّ منهم من أشار بذلك ، ومنهم من استصوبه ، ومنهم من سكت راضيا ، ومنهم من أنكره.
(قالُوا يا وَيْلَنا إِنَّا كُنَّا طاغِينَ) متجاوزين حدود الله. والويل : المكروه الشديد الشاقّ على النفس.
فتابوا وندموا ورجعوا إلى الله ، ثمّ قالوا : (عَسى رَبُّنا أَنْ يُبْدِلَنا خَيْراً مِنْها) لعلّ الله يخلّف علينا ، ويولينا خيرا من الجنّة الّتي هلكت ببركة التوبة والاعتراف بالخطيئة. وقد روي : أنّهم لمّا تابوا ابدلوا خيرا منها. وعن ابن مسعود : بلغني أنّهم أخلصوا وعرف الله منهم الصدق ، فأبدلهم بها جنّة يقال لها : الحيوان ، فيها عنب
__________________
(١) البقرة : ١٤٣.