سمّى المدينة بالدار والإيمان ، لأنّها دار الهجرة ومكان ظهور الإيمان. (مِنْ قَبْلِهِمْ) من قبل هجرة المهاجرين. وقيل : قبل إيمان المهاجرين. والمراد به أصحاب ليلة العقبة ، وهم سبعون رجلا بايعوا رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم على حرب الأحمر والأبيض.
(يُحِبُّونَ مَنْ هاجَرَ إِلَيْهِمْ) ولا يثقل عليهم ، لأنّهم أحسنوا إليهم ، وأسكنوهم دورهم ، وأشركوهم في أموالهم (وَلا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ) في أنفسهم (حاجَةً) ما يحملهم الاحتياج عليه ، كالطلب والحزازة والحسد والغيظ (مِمَّا أُوتُوا) ممّا أعطي المهاجرون من الفيء وغيره. يعني : نفوسهم لم تتبع ما أعطي المهاجرون ، ولم تطمح إلى شيء منه يحتاج إليه.
(وَيُؤْثِرُونَ عَلى أَنْفُسِهِمْ) ويقدّمون المهاجرين على أنفسهم ، حتّى إنّ من كان عنده امرأتان نزل عن واحدة وزوّجها من أحدهم (وَلَوْ كانَ بِهِمْ خَصاصَةٌ) خلّة. من خصاص البيت ، وهي فرجه. والجملة في موضع الحال ، أي : مفروضة خصاصتهم.
روي : أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم قسّم أموال بني النضير على المهاجرين ، ولم يعط الأنصار إلّا ثلاثة محتاجين : سماك بن خرشة ، وسهل بن حنيف ، والحارث بن الصمة. وقال النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم لهم : إن شئتم قسّمتم للمهاجرين من أموالكم ودياركم ، وشاركتموهم في هذه الغنيمة ، وإن شئتم كانت لكم دياركم وأموالكم ، ولم يقسّم لكم شيء من الغنيمة. فقالت الأنصار : بل نقسّم لهم من أموالنا وديارنا ، ونؤثرهم بالغنيمة ، ولا نشاركهم فيها. فنزلت هذه الآية.
(وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ) ومن غلب ما أمرته به نفسه ـ من حبّ المال ، وبغض الإنفاق ـ بتوفيق الله سبحانه ولطفه ، وخالف هواها بمعونته (فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) الفائزون بالثناء العاجل ، والثواب الآجل.
وقيل : من لم يأخذ شيئا نهاه الله عنه ، ولم يمنع شيئا أمره الله بأدائه ، فقد وقي