وحسن تذكيره للفصل. والمراد بها النفخة الأولى الّتي عندها خراب العالم. وبه رواية عن ابن عبّاس.
(وَحُمِلَتِ الْأَرْضُ وَالْجِبالُ) رفعت من أماكنها بمجرّد القدرة الكاملة ، أو بتوسّط زلزلة أو ريح عاصفة (فَدُكَّتا دَكَّةً واحِدَةً) فضربت الجملتان بعضها ببعض ضربة واحدة حتّى تندقّ وتصير كثيبا مهيلا وهباء منبثّا. والدكّ أبلغ من الدقّ. وقيل : فبسطتا بسطة واحدة ، فصارتا أرضا لا عوج فيها ولا أمتا ، لأنّ الدكّ سبب للتسوية.
ولهذا قيل : ناقة دكّاء للّتي لا سنام لها ، وأرض دكّاء للمتّسعة المستوية. ومنه : الدكّان.
(فَيَوْمَئِذٍ) فحينئذ (وَقَعَتِ الْواقِعَةُ) نزلت النازلة ، وهي القيامة (وَانْشَقَّتِ السَّماءُ) انفرج بعضها من بعض لنزول الملائكة (فَهِيَ يَوْمَئِذٍ واهِيَةٌ) ضعيفة مسترخية ساقطة القوّة جدّا ، فتصير بمنزلة الصوف في الوهي والضعف بعد ما كانت محكمة متقنة.
(وَالْمَلَكُ) والجنس المتعارف بالملك. وهو أعمّ من الملائكة. ألا ترى أنّ قولك : ما من ملك إلّا وهو شاهد ، أعمّ من قولك : ما من ملائكة.
(عَلى أَرْجائِها) جوانبها. جمع رجا مقصورا. يعني أنّها تنشقّ ـ وهي مسكن الملائكة ـ فينضوون (١) إلى أطرافها وما حولها من حافّاتها.
قال في الأنوار : «ولعلّه تمثيل لخراب السماء بخراب البنيان ، وانضواء أهلها إلى أطرافها وحواليها. وإن كان على ظاهره فلعلّ هلاك الملائكة أثر ذلك» (٢).
(وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ) فوق الملائكة الّذين هم على الأرجاء (يَوْمَئِذٍ ثَمانِيَةٌ) ثمانية أملاك ، لما روي مرفوعا أنّهم اليوم اربعة ، فإذا كان يوم القيامة
__________________
(١) انضوى إليه : انضمّ وأوى إليه.
(٢) أنوار التنزيل ٥ : ١٤٨.