جملة المحكيّ بعد القول. وكذا ما بعده ، إلّا قوله : (وَأَنْ لَوِ اسْتَقامُوا) (١) (وَأَنَّ الْمَساجِدَ) (٢) (وَأَنَّهُ لَمَّا قامَ) (٣) فإنّها من جملة الموحى به. ووافقهم نافع وأبو بكر إلّا في قوله : (وَأَنَّهُ لَمَّا قامَ) على أنّه استئناف أو مقول. وفتح الباقون الكلّ إلّا ما صدّر بالفاء ، على أنّ ما كان من قولهم فمعطوف على محلّ الجارّ والمجرور في «آمنّا به» كأنّه قيل : صدّقناه أنّه تعالى جدّ ربّنا ، أي : عظمته. من قولك : جدّ فلان في عيني إذا عظم. ومنه قول أنس بن مالك : كان الرجل إذا قرأ البقرة جدّ في أعيننا ، أي : عظم. أو سلطانه ، أو غناه. مستعار من الجدّ الّذي هو الدولة والبخت ، لما يقال : الملوك والأغنياء هم المجدودون. والمعنى : وصفه بالتعالي عن الصاحبة والولد ، لعظمته أو لسلطانه أو لغناه.
وقوله : (مَا اتَّخَذَ صاحِبَةً وَلا وَلَداً) بيان لوصفه بالتعالي.
قال الربيع بن أنس : إنّه قال : ليس لله تعالى جدّ ، وإنّما قالته الجنّ بجهالة ، فحكاه سبحانه كما قالت. وروي ذلك عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهماالسلام.
(وَأَنَّهُ كانَ يَقُولُ سَفِيهُنا) جاهلنا ، إبليس أو مردة الجنّ (عَلَى اللهِ شَطَطاً) قولا ذا شطط ، وهو البعد والمجاوزة عن الحدّ في الظلم وغيره. ومنه : أشطّ في السوم إذا أبعد فيه. أو هو في نفسه شطط ، لفرط ما أشطّ فيه ، وهو نسبة الصاحبة والولد إلى الله تعالى. فاعترفوا بأنّ إبليس كان يخرج عن الحدّ في إغواء الخلق ودعائهم إلى الضلالة.
ثمّ اعتذروا عن اتّباعهم السفيه في ذلك ، بظنّهم أنّ أحدا لا يكذب على الله ، فقالوا :
(وَأَنَّا ظَنَنَّا أَنْ لَنْ تَقُولَ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى اللهِ كَذِباً) نصب على المصدر ، لأنّه نوع من القول. أو الوصف لمحذوف ، أي : قولا مكذوبا فيه. ومن قرأ : أن لن تقوّل
__________________
(١) الجنّ : ١٦ و١٨ ـ ١٩.
(٢) الجنّ : ١٦ و١٨ ـ ١٩.
(٣) الجنّ : ١٦ و١٨ ـ ١٩.