(وَأَنَّا لا نَدْرِي أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَنْ فِي الْأَرْضِ) بحراسة السماء (أَمْ أَرادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَداً) خيرا ورحمة ، ولو ببعث نبيّ عظيم الشأن.
(وَأَنَّا مِنَّا الصَّالِحُونَ) المؤمنون الأبرار (وَمِنَّا دُونَ ذلِكَ) أي : قوم دون ذلك ، فحذف الموصوف. وهم المقتصدون في الصلاح غير الكاملين فيه. أو أرادوا الطالحين. (كُنَّا طَرائِقَ) ذوي طرائق ومذاهب متفرّقة مختلفة. أو كنّا في اختلاف أحوالنا مثل الطرائق المختلفة. أو كنّا في طرائق مختلفة. أو كانت طرائقنا طرائق ، على حذف المضاف الّذي هو الطرائق ، وإقامة الضمير المضاف إليه مقامه. (قِدَداً) متفرّقة مختلفة. جمع القدّة. من : قدّ ، كالقطعة من : قطع. ووصفت الطرائق بالقدد لدلالتها على معنى التقطيع والتفرّق.
(وَأَنَّا ظَنَنَّا) علمنا ، فإنّ الظنّ بمعنى اليقين شائع في كلامهم (أَنْ لَنْ نُعْجِزَ اللهَ فِي الْأَرْضِ) كائنين في الأرض أينما كنّا فيها (وَلَنْ نُعْجِزَهُ هَرَباً) هاربين منها إلى السماء. وقيل : لن نعجزه في الأرض إن أراد بنا أمرا ، ولن نعجزه هربا إن طلبنا.
(وَأَنَّا لَمَّا سَمِعْنَا الْهُدى) القرآن (آمَنَّا بِهِ فَمَنْ يُؤْمِنْ بِرَبِّهِ فَلا يَخافُ) فهو لا يخاف ، أي : فهو غير خائف ، لأنّ الكلام في تقدير مبتدأ وخبر دخلت الفاء عليه ، ولو لا ذلك لقيل : لا يخف. والفائدة في رفع الفعل وتقدير مبتدأ قبله أنّه إذا فعل ذلك فكأنّه قيل : فهو لا يخاف ، فكان دالّا على تحقيق أنّ المؤمن ناج لا محالة ، وأنّه هو المختصّ بذلك دون غيره. (بَخْساً) أي : جزاء بخس ، وهو النقص في الجزاء (وَلا رَهَقاً) ولا جزاء رهق ، وهو وصول الذلّة ، لأنّه لم يبخس هذا المؤمن أحدا حقّا ، ولم يرهق ظلم أحد ، فلا يخاف جزاءهما. وفيه دلالة على أنّ من حقّ من آمن بالله أن يجتنب المظالم. ومنه قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «المؤمن من أمنه الناس على أنفسهم ودمائهم وأموالهم».
ويجوز أن يراد : فلا يخاف أن يبخس ، بل يجزى الجزاء الأوفى ، ولا أن ترهقه ذلّة ، من قوله عزوجل :