تدعوا» أي : فلا تدعوا مع الله أحدا في المساجد ، لأنّها لله خاصّة ولعبادته. والأولى أن يكون المراد بالمخاطبين الجنّ والإنس جميعا.
وعن قتادة : كان اليهود والنصارى إذا دخلوا بيعهم وكنائسهم أشركوا بالله ، فأمرنا أن نخلص لله الدعوة إذا دخلنا المساجد.
وقيل : المساجد أعضاء السجود السبعة ، على أنّ المراد النهي عن السجود لغير الله. وعن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم : «أمرت أن أسجد على سبعة آراب (١) ، وهي : الجبهة والأنف ، واليدان ، والركبتان ، وأصابع الرجلين».
وروي : أنّ المعتصم سأل أبا جعفر محمد بن عليّ بن موسى الرضا عليهمالسلام عن قوله : (وَأَنَّ الْمَساجِدَ لِلَّهِ). فقال : «هي الأعضاء السبعة الّتي يسجد عليها».
وقيل : المراد المسجد الحرام ، لأنّه قبلة المساجد ، ولهذا ورد بلفظ الجمع.
ومنه قوله تعالى : (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَساجِدَ اللهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ) (٢).
وقيل : المساجد جمع المسجد ، وهو مصدر ميمي. والمعنى : السجدات كلّها لله.
وقيل : المراد بالمساجد الأرض كلّها ، لأنّها جعلت للنبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم مسجدا ، كما قال صلىاللهعليهوآلهوسلم : «جعلت لي الأرض مسجدا».
(وَأَنَّهُ لَمَّا قامَ عَبْدُ اللهِ) أي : النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم. وإنّما ذكر بلفظ العبد ، لأنّ التقدير : وأوحي إليّ أنّه لمّا قام عبد الله. فلمّا كان واقعا في كلام رسول الله عن نفسه ، جيء به على ما يقتضيه التواضع والتذلّل. وللإشعار بما هو المقتضي لقيامه ، أعني : العبوديّة. (يَدْعُوهُ) يعبده. يريد قيامه لصلاة الفجر حين أتاه الجنّ فاستمعوا لقراءته. (كادُوا) كاد الجنّ (يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَداً) متراكمين من ازدحامهم عليه
__________________
(١) الآراب جمع الإرب : العضو.
(٢) البقرة : ١١٤.