لا يقتل بالكافر. (أَصْحابُ الْجَنَّةِ هُمُ الْفائِزُونَ) بالنعيم المقيم.
ثمّ عظّم سبحانه حال القرآن وجلالة قدره ، فقال : (لَوْ أَنْزَلْنا هذَا الْقُرْآنَ عَلى جَبَلٍ) تمثيل وتخييل ، كما مرّ في قوله : (إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمانَةَ) (١). ولذلك عقّبه بقوله : (لَرَأَيْتَهُ خاشِعاً مُتَصَدِّعاً) متشقّقا (مِنْ خَشْيَةِ اللهِ وَتِلْكَ الْأَمْثالُ) إشارة إلى هذا المثل وإلى أمثاله الأخر ، فإنّها في مواضع من التنزيل (نَضْرِبُها لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ).
والمعنى : لو كان الجبل ممّا ينزل عليه القرآن ويشعر به ، مع غلظه وجفاء طبعه ، وكبر جسمه ، لخشع لمنزله ، فانصدع من خشيته تعظيما لشأنه ، فالإنسان أحقّ بهذا لو عقل الأحكام الّتي فيه. والمراد توبيخ الإنسان على عدم تخشّعه عند تلاوة القرآن ، لقساوة قلبه ، وقلّة تدبّره.
ثمّ أخبر سبحانه بربوبيّته وعظمته ، فقال : (هُوَ اللهُ الَّذِي لا إِلهَ إِلَّا هُوَ) أي : هو المستحقّ للعبادة الّذي لا تحقّ العبادة إلّا له (عالِمُ الْغَيْبِ) ما غاب عن الحسّ ، من الجواهر القدسيّة وأحوالها (وَالشَّهادَةِ) وما حضر له وشاهد من الأجرام وأعراضها (هُوَ الرَّحْمنُ) المنعم على جميع خلقه فعلا وقوّة (الرَّحِيمُ) بالمؤمنين.
(هُوَ اللهُ الَّذِي لا إِلهَ إِلَّا هُوَ) كرّره للتأكيد والمبالغة (الْمَلِكُ) السيّد المالك لجميع الأشياء الّذي له التصرّف فيها على وجه ليس لأحد منعه منه. وقيل : هو الواسع القدرة. (الْقُدُّوسُ) البليغ في النزاهة عمّا يوجب نقصانا. ونظيره : السبّوح بناء ومعنى. (السَّلامُ) ذو السلامة من كلّ نقص وآفة. أو الّذي سلم العباد من ظلمه. أو من عنده ترجى السلامة. ومنه : دار السلام. مصدر وصف به للمبالغة في وصف كونه سليما من النقائص ، أو في إعطائه السلامة.
(الْمُؤْمِنُ) واهب الأمن. أو الّذي أمن أولياؤه عذابه (الْمُهَيْمِنُ) الرقيب
__________________
(١) الأحزاب : ٧٢.