أنّه الوحي ، وذلك لأنّ الشيطان لا يأمر بذلك.
وقد يحمل على تكبير الصلاة ، وهو في مفتتح الصلوات الواجبة واجب ، وفي غيرها مستحبّ. والفاء فيه وفيما بعده لإفادة معنى الشرط ، كأنّه قال : مهما يكن من شيء فلا تدع تكبيره. وتقديم هذا الأمر على الأوامر الآتية ، للدلالة على أنّ المقصود الأوّل من الأمر بالقيام أن يكبّر ربّه عن الشرك والتشبيه ، فإنّ أوّل ما يجب معرفة الصانع ، وأوّل ما يجب بعد العلم بوجوده تنزيهه عن جميع النواقص والعيوب.
(وَثِيابَكَ فَطَهِّرْ) من النجاسات ، فإنّ التطهير شرط في الصلاة ، محبوب في غيرها. وذلك بغسلها ، أو بحفظها عن النجاسة ، كتقصيرها مخافة جرّ الذيول فيها.
ولهذا قال أمير المؤمنين صلوات الله عليه : «معناه : فثيابك فقصّر».
وروى أبو بصير عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : «قال أمير المؤمنين عليهالسلام : غسل الثياب يذهب الهمّ والحزن ، وهو طهور للصلاة ، وتشمير (١) الثياب طهور لها ، وقد قال الله تعالى : (وَثِيابَكَ فَطَهِّرْ) أي : فشمّر».
وهو أوّل ما أمر به من رفض العادات المذمومة ، فإنّ عادتهم في الجاهليّة جرّ الذيول على الأرض مرحا وتكبّرا.
أو طهّر نفسك من الأخلاق الذميمة والأفعال الدنيئة. يقال للرجل إذا كان صالحا : إنّه لطاهر الثياب ، وطاهر الجيب والأردان والذيل. فهو وصف له بالنقاء من المعايب ومدانس الأخلاق. وإذا كان فاجرا يقال : إنّه لخبيث الثياب والذيل. وذلك لأنّ الثوب يلابس الإنسان ويشتمل عليه ، فكنّي به عنه. فيكون أمرا باستكمال القوّة العمليّة ، بعد أمره باستكمال القوّة النظريّة والدعاء إليه.
أو فطهّر دثار النبوّة عمّا يدنّسه من الحقد والضجر وقلّة الصبر.
(وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ) أي : فاهجر العذاب بالثبات على هجر ما يؤدّي إليه من الشرك وغيره من المآثم. والمعنى : الثبات على هجره ، لأنّه صلىاللهعليهوآلهوسلم كان بريئا منه.
__________________
(١) شمّر الثوب عن ساقيه : رفعه.