(أَوْلى لَكَ فَأَوْلى) بمعنى : ويل لك ، فإنّه دعاء عليه بأن يليه ما يكره.
وأصله : أولاك الله ما تكرهه. واللام مزيدة كما في (رَدِفَ لَكُمْ) (١). أو أولى لك الهلاك. وقيل : أفعل ، من الويل بعد القلب ، كأدنى من أدون. أو فعلى من : آل يئول ، بمعنى : عقباك النار.
(ثُمَّ أَوْلى لَكَ فَأَوْلى) يتكرّر ذلك عليك مرّة بعد اخرى. وقد جاءت الرواية أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أخذ بيد أبي جهل ثمّ قال : (أَوْلى لَكَ فَأَوْلى ثُمَّ أَوْلى لَكَ فَأَوْلى). فقال أبو جهل : بأيّ شيء تهدّدني؟ لا تستطيع أنت ولا ربّك أن تفعلا بي شيئا ، وإنّي لأعزّ أهل هذا الوادي. فأنزل الله سبحانه كما قال له رسول الله.
وقيل : معناه : أولى لك ما تشاهده يا أبا جهل يوم بدر ، فأولى لك في القبر ، ثمّ أولى لك يوم القيامة ، فأولى لك في النار. وأدخل «ثمّ» للتراخي بين الدنيا والآخرة.
(أَيَحْسَبُ الْإِنْسانُ) جنس الإنسان ، أو أبو جهل (أَنْ يُتْرَكَ سُدىً) مهملا لا يكلّف ولا يجازى. والهمزة للإنكار ، أي : لا ينبغي أن يظنّ ذلك. وهو يتضمّن تكرير إنكاره للحشر والدلالة عليه ، من حيث إنّ الحكمة تقتضي الأمر بالمحاسن والنهي عن القبائح ، والتكليف لا يتحقّق إلّا بالمجازاة ، وهي قد لا تكون في الدنيا ، فتكون في الآخرة.
(أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِنْ مَنِيٍّ يُمْنى) يصبّ في الرحم. وقرأ حفص : يمنى بالياء.
(ثُمَّ كانَ عَلَقَةً فَخَلَقَ فَسَوَّى) فقدّر وعدل خلقه وصورته وأعضاءه الباطنة والظاهرة في بطن أمّه. وقيل : معناه : فسوّى بعد الولادة إنسانا كامل القوّة والفطنة.
(فَجَعَلَ مِنْهُ) من المنيّ ، أو من الإنسان (الزَّوْجَيْنِ) الصنفين (الذَّكَرَ وَالْأُنْثى) هذا استدلال آخر بالإبداء على الإعادة ، فإنّه سبحانه أخبر أنّه لم يخلق
__________________
(١) النمل : ٧٢.