قالت : ما طلب منّي بعد وقعة بدر.
فحثّ صلىاللهعليهوآلهوسلم عليها بني عبد المطّلب ، فكسوها وحمّلوها وزوّدوها.
فأتاها حاطب بن أبي بلتعة ، وأعطاها عشرة دنانير ، وكساها بردا ، واستحملها كتابا إلى أهل مكّة ، نسخته : من حاطب بن أبي بلتعة إلى أهل مكّة : اعلموا أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يريدكم ، فخذوا حذركم.
فخرجت سارة. ونزل جبرئيل بالخبر ، فبعث رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم عليّا عليهالسلام وعمّارا والمقداد وأبا مرثد وعمر وطلحة والزبير ، وكانوا فرسانا ، وقال : انطلقوا حتّى تأتوا روضة (١) خاخ ، فإنّ بها ظعينة (٢) معها كتاب من حاطب إلى أهل مكّة ، فخذوه منها وخلّوها ، فإن أبت فاضربوا عنقها. فأدركوها فجحدت وحلفت. فهمّوا بالرجوع ، فقال عليّ عليهالسلام : والله ما كذبنا ولا كذب رسول الله. وسلّ سيفه وقال : أخرجي الكتاب أو تضعي رأسك. فأخرجته من عقاص (٣) شعرها.
وروي : أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أمّن جميع الناس يوم الفتح إلّا أربعة ، هي أحدهم.
فاستحضر رسول الله حاطبا وقال : ما حملك عليه؟
فقال : يا رسول الله ما كفرت منذ أسلمت ، ولا غششتك منذ نصحتك ، ولا أحببتهم منذ فارقتهم ، ولكن كنت امرءا ملصقا في قريش ، وروي : غريرا فيهم ـ أي : غريبا ـ ولم أكن من أنفسها ، وكلّ من معك من المهاجرين لهم قرابات بمكّة يحمون أهاليهم وأموالهم غيري ، فخشيت على أهلي ، فأردت أن اتّخذ عندهم يدا ، وقد علمت أنّ الله تعالى ينزل عليهم بأسه ، وأنّ كتابي لا يغني عنهم شيئا. فصدّقه
__________________
(١) خاخ : موضع بين الحرمين بقرب حمراء الأسد من المدينة. معجم البلدان ٢ : ٣٣٥.
(٢) الظعينة : الزوجة أو المرأة ما دامت في الهودج أو عموما.
(٣) عقاص جمع عقيصة ، وهي ضفيرة الشعر ، أي : ما شدّته من شعرها في قفاها.