وقبل عذره.
فقال عمر : دعني يا رسول الله أضرب عنق هذا المنافق.
فقال : وما يدريك يا عمر ، لعلّ الله قد اطّلع على أهل بدر فغفر لهم ، فقال لهم : اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم.
فقال عمر : الله ورسوله أعلم.
فنهى الله سبحانه المؤمنين عن موالاتهم الكافرين ، وأوجب معاداتهم إيّاهم ، بقوله : (لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِياءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ).
(وَقَدْ كَفَرُوا بِما جاءَكُمْ مِنَ الْحَقِ) وهو حال من فاعل أحد الفعلين. والحقّ الإسلام.
(يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ) أي : من مكّة. وهو حال من «كفروا».
أو استئناف لبيان كفرهم وعتوّهم. (أَنْ تُؤْمِنُوا بِاللهِ رَبِّكُمْ) تعليل لـ «يخرجون» أي : يخرجونكم لإيمانكم بالله. وفيه تغليب المخاطب ، والالتفات من التكلّم إلى الغيبة ، للدلالة على ما يوجب الإيمان.
(إِنْ كُنْتُمْ خَرَجْتُمْ) متعلّق بـ «لا تتّخذوا» يعني : تتولّوا أعدائي إن كنتم خرجتم عن أوطانكم (جِهاداً فِي سَبِيلِي وَابْتِغاءَ مَرْضاتِي) علّة للخروج ، وعمدة للتعليق. وجواب الشرط محذوف دلّ عليه «لا تتّخذوا». والمعنى : إن كان غرضكم في خروجكم وهجرتكم الجهاد وطلب رضائي ، فأوفوا خروجكم حقّه من معاداتهم ، ولا تلقوا إليهم بالمودّة ، ولا تتّخذوهم أولياء.
(تُسِرُّونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ) بدل من «تلقون» أو استئناف. ومعناه : أيّ طائل لكم في إسرار المودّة ، أو الإخبار بسبب المودّة. (وَأَنَا أَعْلَمُ) منكم (بِما أَخْفَيْتُمْ وَما أَعْلَنْتُمْ) أي : وقد علمتم أنّ الإخفاء والإعلان سيّان في علمي لا تفاوت بينهما ، وأنا مطلع رسولي على ما تسرّون. وقيل : «أعلم» مضارع ، والباء مزيدة ، و «ما» مصدريّة.