عين في الجنّة ، ماؤها في بياض كافور الجنّة ورائحته وبرده ، يخلق فيها رائحة الكافور وبرده وبياضه ، فكأنّها مزجت بالكافور. وليس المراد كافور الدنيا.
(عَيْناً) بدل من «كافورا» إن جعل اسم ماء. وعلى القول الأخير بدل من محلّ «من كأس» على تقدير مضاف ، كأنّه قيل : يشربون خمرا خمر عين. أو نصب على الاختصاص ، أو بفعل يفسّره قوله : (يَشْرَبُ بِها عِبادُ اللهِ) الباء للإلصاق ، ومتعلّقها محذوف ، تقديره : ملتذّا أو ممزوجا بها عباد الله. وقيل : الباء مزيدة ، أو بمعنى «من» لأنّ الشرب مبتدأ منها. والمراد بـ «عباد الله» الأولياء. وإضافتهم إلى الله تشريفا وتبجيلا لهم.
(يُفَجِّرُونَها تَفْجِيراً) يجرونها حيث شاؤا إجراء سهلا. وعن مجاهد : أنهار الجنّة تجري بغير أخدود ، فإذا أراد المؤمن أن يجري نهرا خطّ خطّا فينبع الماء من ذلك الموضع ، ويجري بغير تعب. وقد أجمع أهل البيت عليهمالسلام وموافقوهم وكثير من مخالفيهم أنّ المراد بالأبرار المنعوتين بهذه النعوت عليّ وفاطمة والحسن والحسين عليهمالسلام. فالآية وما بعدها متعيّنة فيهم.
وقال صاحب مجمع البيان (١) : «وقد روى الخاصّ والعامّ أن الآيات من هذه السورة ـ وهي قوله : (إِنَّ الْأَبْرارَ يَشْرَبُونَ) إلى قوله : (وَكانَ سَعْيُكُمْ مَشْكُوراً) ـ نزلت في عليّ وفاطمة والحسن والحسين وجارية لهم تسمّى فضّة. وهو المرويّ عن ابن عبّاس ومجاهد وأبي صالح» (٢).
والقصّة طويلة. جملتها أنّهم قالوا : مرض الحسن والحسين عليهماالسلام فعادهما جدّهما صلىاللهعليهوآلهوسلم ووجوه العرب ، وقالوا : يا أبا الحسن لو نذرت على ولديك نذرا. فنذر صوم ثلاثة أيّام لله إن شفاهما الله سبحانه. ونذرت فاطمة عليهاالسلام ، وكذلك فضّة.
__________________
(١) مجمع البيان ١٠ : ٤٠٤ ـ ٤٠٦.
(٢) مجمع البيان ١٠ : ٤٠٤.