فبرءا ، وليس عندهم شيء ، فاستقرض عليّ عليهالسلام ثلاثة أصوع من شعير من يهوديّ ـ وروي : أنّه أخذها ليغزل له صوفا ـ وجاء به إلى فاطمة عليهاالسلام ، فطحنت صاعا منها ، فاختبزته خمسة أقراص على عددهم. وصلّى عليّ عليهالسلام المغرب ، وقرّبته إليهم ، فأتاهم مسكين يدعو لهم ويسألهم ، فأعطوه ، ولم يذوقوا إلّا الماء. فلمّا كان اليوم الثاني أخذت صاعا وطحنته واختبزته وقدّمته إلى عليّ عليهالسلام ، فإذا يتيم بالباب يستطعم فأعطوه ، ولم يذوقوا إلّا الماء. فلمّا كان اليوم الثالث عمدت إلى الباقي فطحنته واختبزته وقدّمته إلى عليّ عليهالسلام ، فإذا أسير بالباب يستطعم ، فأعطوه. فلمّا كان اليوم الرابع وقد قضوا نذورهم ، أتى عليّ عليهالسلام ، ومعه الحسن والحسين عليهماالسلام إلى النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم وبهما ضعف ، فبكى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ونزل جبرئيل بسورة «هل أتى».
وفي رواية عطاء عن ابن عبّاس : أنّ عليّ بن أبي طالب عليهالسلام آجر نفسه ليستقي نخلا بشيء من شعير ليلة حتّى أصبح ، فلمّا أصبح وقبض الشعير طحن ثلثه ، فجعلوا منه شيئا ليأكلوه يقال له : الحريرة (١) ، فلمّا تمّ إنضاجه أتى مسكين فأخرجوا إليه الطعام. ثمّ عمل الثلث الثاني ، فلمّا تمّ إنضاجه أتى يتيم فسأل فأطعموه. ثمّ عمل الثلث الثالث ، فلمّا تمّ إنضاجه أتى أسير من المشركين فسأل فأطعموه ، وطووا يومهم ذلك. ذكره الواحدي في تفسيره (٢).
وذكر عليّ بن إبراهيم أنّ أباه حدّثه عن عبد الله بن ميمون ، عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : «كان عند فاطمة شعير فجعلوه عصيدة ، فلمّا أنضجوها ووضعوها بين أيديهم جاء مسكين ، فقال المسكين : رحمكم الله. فقام عليّ عليهالسلام فأعطاه ثلثها.
فلم يلبث أن جاء يتيم ، فقال اليتيم : رحمكم الله. فقام عليّ عليهالسلام فأعطاه الثلث. ثمّ جاء أسير ، فقال الأسير : رحمكم الله. فأعطاه عليّ الثلث الباقي ، وما ذاقوها. فأنزل
__________________
(١) الحريرة : الحساء المطبوخ من الدقيق والدسم والماء.
(٢) الوسيط ٤ : ٤٠٠ ـ ٤٠١.