يوصف بصفة أهله من الأشقياء ، كقولهم : نهارك صائم ، فكأنّه قيل : يعبس فيه وجوه الأشقياء. وروي : أنّ الكافر يعبس يومئذ حتّى يسيل من بين عينيه عرق مثل القطران. وأن يشبّه في شدّته وضرره بالأسد العبوس ، أو بالشجاع الباسل.
(قَمْطَرِيراً) شديد العبوس ، كالّذي يجمع ما بين عينيه. من : اقمطرّت الناقة إذا رفعت ذنبها ، وجمعت قطريها (١). مشتقّ من القطر ، والميم مزيدة.
(فَوَقاهُمُ اللهُ شَرَّ ذلِكَ الْيَوْمِ) بسبب خوفهم وتحفّظهم عنه (وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُوراً) أي : أعطاهم بدل عبوس الفجّار وحزنهم نضرة في الوجوه وسرورا في القلوب. وهذا يدلّ على أنّ اليوم موصوف بعبوس أهله.
(وَجَزاهُمْ بِما صَبَرُوا) بصبرهم على أداء الواجبات ، واجتناب المحرّمات ، وإيثار الأموال ، وما يؤدّي إليه من الجوع والعري (جَنَّةً) بستانا يأكلون منه هنيئا (وَحَرِيراً) يلبسونه بهيّا.
(مُتَّكِئِينَ فِيها عَلَى الْأَرائِكِ) حال من ضمير «جزاهم» ، أو صفة لـ «جنّة».
والأرائك جمع الأريكة ، وهي السرير. (لا يَرَوْنَ فِيها شَمْساً وَلا زَمْهَرِيراً) يحتملهما ، وأن يكون حالا من المستكن في «متّكئين». والمعنى : أنّه يمرّ عليهم فيها هواء معتدل ، لا حرّ شمس يحمي ، ولا شدّة برد تؤذي. وفي الحديث : «هواء الجنّة سجسج (٢) ، لا حرّ ولا قرّ».
وعن ثعلب : الزمهرير : القمر في لغة طيء.
وأنشد :
وليلة ظلامها قد اعتكر |
|
قطعتها والزمهرير ما زهر (٣) |
__________________
(١) القطر : الناحية والجانب.
(٢) يوم سجسج : إذا لم يكن فيه حرّ مؤذ ولا برد شديد.
(٣) أي : وربّ ليلة قد تراكم ظلامها واختلط ، قطعتها بالسير ، والحال أنّ الزمهرير ما ظهر وما أضاء.