والمعنى : أنّ الجنّة ضياء ، فلا يحتاج فيها إلى شمس ولا قمر.
(وَدانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلالُها) حال أيضا من ضمير «جزاهم». ودخلت الواو للدلالة على أنّ الأمرين مجتمعان لهم ، كأنّه قيل : وجزاهم جنّة جامعين فيها بين البعد عن الحرّ والقرّ ، ودنوّ الضلال عليهم. أو صفة اخرى لـ «جنّة» معطوفة على ما قبلها. أو عطف على «جنّة» أي : وجنّة اخرى دانية ، على أنّهم وعدوا جنّتين ، كقوله : (وَلِمَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ جَنَّتانِ) (١) لأنّهم وصفوا بالخوف في قولهم : (إِنَّا نَخافُ مِنْ رَبِّنا) (٢). والمعنى : أفياء أشجار الجنّة قريبة منهم.
(وَذُلِّلَتْ قُطُوفُها تَذْلِيلاً) معطوفة على «دانية». والمعنى : ودانية عليهم ظلالها ، ومذلّلة قطوفها. أو حال من «دانية» أي : تدنو ظلالها عليهم في حال تذليل قطوفها لهم ، بأن تجعل ذللا سهل التناول لا يمتنع على قطّافها كيف شاؤا. أو تجعل خاضعة متقاصرة ، من قولهم : حائط ذليل إذا كان قصيرا.
(وَيُطافُ عَلَيْهِمْ بِآنِيَةٍ مِنْ فِضَّةٍ وَأَكْوابٍ) وأباريق بلا عروة. جمع كوب.
(كانَتْ قَوارِيرَا * قَوارِيرَا مِنْ فِضَّةٍ) هو من «يكون» في قوله : (كُنْ فَيَكُونُ) (٣) أي : تكوّنت قوارير بتكوين الله ، تفخيما لتلك الخلقة العجيبة الشأن ، الجامعة بين صفتي الجوهرين المتباينين ، وهما : صفاء الزجاجة وشفيفها ، وبياض الفضّة ولينها.
والمعنى : أنّ أصلها مخلوق من فضّة ، وهي مع بياض الفضّة وحسنها في صفاء القوارير وشفيفها ، فاجتمع لها بياض الفضّة وصفاء القارورة ، فيرى من خارجها ما في داخلها.
وقيل : معنى (قَوارِيرَا مِنْ فِضَّةٍ) مع أنّها من زجاج : أنّ الشيء إذا قاربه شيء
__________________
(١) الرحمن : ٤٦.
(٢) الإنسان : ١٠.
(٣) البقرة : ١١٧.