واشتدّت ملابسته له قيل : إنّه من كذا ، وإن لم يكن منه في الحقيقة.
و «قوارير» الثانية بدل من الأولى. وقد نوّن «قوارير» من نوّن «سلاسلا».
وابن كثير الأولى ، لأنّها رأس الآية.
(قَدَّرُوها تَقْدِيراً) صفة لـ «قوارير» أي : قدّروها في أنفسهم ، فجاءت مقاديرها وأشكالها كما تمنّوه. أو قدّروها بأعمالهم الصالحة ، فجاءت على حسبها.
أو قدّر الطائفون بها ـ المدلول عليهم بقوله : (وَيُطافُ عَلَيْهِمْ) ـ شرابها على قدر اشتهائهم. وهو ألذّ للشارب ، لكونه على قدر حاجته ، لا يفضل عنها ولا ينقص.
وعن مجاهد : لا تفيض ولا تغيض.
(وَيُسْقَوْنَ فِيها كَأْساً كانَ مِزاجُها زَنْجَبِيلاً) ما يشبه الزنجبيل في الطعم.
وكانت العرب يستلذّون ويستطيبون الشراب الممزوج به.
(عَيْناً فِيها) نصبه إمّا على البدل من «زنجبيلا» ، أو «كأسا» بتقدير المضاف ، كأنّه قيل : ويسقون فيها كأسا كأس عين في الجنّة. أو على الاختصاص.
(تُسَمَّى سَلْسَبِيلاً) لسلاسة انحدارها في الحلق ، وسهولة مساغها. يقال : شراب سلسل وسلسال وسلسبيل. ولذلك حكم بزيادة الباء حتّى صارت الكلمة خماسيّة.
ودلّت على غاية السلاسة ، كما قال الزجّاج : السلسبيل في اللغة صفة لما كان في غاية السلاسة. والمعنى : أنّها في طعم الزنجبيل ، وليس فيه لذعه (١) ، ولكن نقيض اللذع ، وهو السلاسة.
وقيل : أصله : سل سبيلا ، فسمّيت به ، كتأبّط شرّا ، لأنّه لا يشرب منها إلّا من سأل الله إليها سبيلا بالعمل الصالح.
(وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدانٌ مُخَلَّدُونَ) دائمون (إِذا رَأَيْتَهُمْ حَسِبْتَهُمْ لُؤْلُؤاً مَنْثُوراً) من صفاء ألوانهم ، وانبثاثهم في مجالسهم للخدمة ، وانعكاس شعاع بعضهم
__________________
(١) أي : حدّته.