عابث في كلّ ما فعل ، فقال :
(أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ مِهاداً) فراشا أو وطاء وقرارا مهيّئا للتصرّف فيه من غير تعب وأذيّة (وَالْجِبالَ أَوْتاداً) أي : أرسيناها (١) بالجبال لئلّا تميد بأهلها ، كما يرسى البيت بالأوتاد.
(وَخَلَقْناكُمْ أَزْواجاً) ذكرا وأنثى حتّى يصحّ منكم التناسل ، ويتمتّع بعضكم ببعض.
(وَجَعَلْنا نَوْمَكُمْ سُباتاً) قطعا عن الإحساس والحركة ، استراحة للقوى الحيوانيّة ، وإزاحة لكلالها. وقيل : موتا ، لأنّ النوم أحد التوفّيين. ومنه : المسبوت للميّت. وأصله القطع أيضا.
(وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِباساً) غطاء يستتر بظلمته من أراد الاختفاء ، وإخفاء ما لا يحبّ الاطّلاع عليه من كثير من الأمور.
(وَجَعَلْنَا النَّهارَ مَعاشاً) وقت معاش تتقلّبون في حوائجكم لتحصيل ما تعيشون به. وقيل : حياة تنبعثون فيها عن نومكم.
(وَبَنَيْنا فَوْقَكُمْ سَبْعاً شِداداً) سبع سماوات محكمة قويّة الخلق ، لا يؤثّر فيها مرور الدهور وكرور الأزمان.
(وَجَعَلْنا) للعالم (سِراجاً وَهَّاجاً) متلألئا وقّادا. يعني : الشمس. من : توهّجت النار إذا أضاءت. أو بالغا في الحرارة. من الوهج ، وهو الحرّ.
(وَأَنْزَلْنا مِنَ الْمُعْصِراتِ) من السحائب إذا أعصرت ، أي : قربت أن تعصرها الرياح فتمطر ، كقولك : أحصد الزرع إذا حان له أن يحصد. ومنه : أعصرت الجارية إذا قربت أن تحيض.
وعن مجاهد : من الرياح الّتي حان لها أن تعصر السحاب ، أو من الرياح
__________________
(١) أي : أثبتناها.