ذوات الأعاصير. وإنّما جعلت مبدأ للإنزال ، لأنّها تنشئ السحاب وتدرّ أخلافه.
وقد جاء في الحديث : «أنّ الله تعالى يبعث الرياح ، فتحمل الماء من السماء إلى السحاب».
فعلى هذا ؛ الإنزال منها ظاهر.
وعن الحسن وقتادة : هي السماوات. وتأويله : أنّ الماء ينزل من السماء إلى السحاب ، فكأنّ السماوات يعصرن ، أي : يحملن على العصر.
(ماءً ثَجَّاجاً) منصبّا بكثرة. يقال : ثجّه وثجّ بنفسه. وفي الحديث : «أفضل الحجّ العجّ والثجّ» أي : رفع الصوت بالتلبية ، وصبّ دماء الهدي.
(لِنُخْرِجَ بِهِ حَبًّا) ما يقتات به من نحو الحنطة والشعير (وَنَباتاً) وما يعتلف به من التبن والحشيش ، كما قال : (كُلُوا وَارْعَوْا أَنْعامَكُمْ) (١).
(وَجَنَّاتٍ أَلْفافاً) وبساتين ملتفّة أشجارها بعضها ببعض. قال صاحب الكشّاف : «ولا واحد له ، كالأوزاع والأخياف (٢). وقيل : الواحد لفّ. وقال صاحب الإقليد : أنشدني الحسن بن عليّ الطوسي :
جنّة لفّ وعيش مغدق |
|
وندامى كلّهم بيض زهر |
وزعم ابن قتيبة أنّه : لفّاء ، ولفّ ، ثمّ ألفاف. وما أظنّه واجدا له نظيرا من نحو : خضر وأخضار ، وحمر وأحمار. ولو قيل : هو جمع ملتفّة بتقدير حذف الزوائد لكان قولا وجيها» (٣). انتهى كلامه. وأقول : يمكن أن يكون جمع لفيف ، حملا على نحو : أشراف وشريف.
(إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ كانَ مِيقاتاً (١٧) يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَتَأْتُونَ أَفْواجاً (١٨) وَفُتِحَتِ السَّماءُ فَكانَتْ أَبْواباً (١٩) وَسُيِّرَتِ الْجِبالُ فَكانَتْ
__________________
(١) طه : ٥٤.
(٢) الأوزاع : الجماعات. والأخياف : المختلفون. يقال : هم إخوة أخياف ، أي : أمّهم واحدة والآباء شتّى.
(٣) الكشّاف ٤ : ٦٨٧.