الجمع ، وبعضهم مقطّعة أيديهم وأرجلهم ، وبعضهم مصلّبون على جذوع من نار ، وبعضهم أشدّ نتنا من الجيف ، وبعضهم ملبسون جبابا سابغة من قطران لازقة بجلودهم.
فأمّا الّذين على صورة القردة فالقتّات (١) من الناس. وأمّا الّذين على صورة الخنازير فأهل السحت. وأمّا المنكّسون على وجوههم فآكلة الربا. وأمّا العمي فالّذين يجورون في الحكم. وأمّا الصمّ البكم فالمعجبون بأعمالهم. وأمّا الّذين يمضغون ألسنتهم فالعلماء والقصّاص الّذين خالف قولهم أعمالهم. وأمّا الّذين قطعت أيديهم وأرجلهم فهم الّذين يؤذون الجيران. وأمّا المصلّبون على جذوع من النار فالسّعاة بالناس إلى السلطان. وأمّا الّذين هم أشدّ نتنا من الجيف فالّذين يتّبعون الشهوات واللذّات ، ومنعوا حقّ الله في أموالهم. وأمّا الّذين يلبسون الجباب فأهل الكبر والفخر والخيلاء».
(وَفُتِحَتِ السَّماءُ) وشقّت شقوقا كثيرة. وقرأ الكوفيّون بالتخفيف. (فَكانَتْ أَبْواباً) أي : كثرة أبوابها المفتّحة لنزول الملائكة ، فصارت من كثرة الشقوق كأنّ الكلّ أبواب مفتّحة ، كقوله : (وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُوناً) (٢) أي : كأنّ كلّها عيون تنفجر لكثرتها. وعلى قراءة التخفيف معناه : فصارت ذات أبواب. وقيل : الأبواب الطرق والمسالك ، أي : تكشط (٣) فينفتح مكانها ، وتصير طرقا لا يسدّها شيء.
(وَسُيِّرَتِ الْجِبالُ) في الهواء كالهباء (فَكانَتْ سَراباً) مثل سراب ، أي : تصير شيئا كلا شيء ، لتفتّت أجزائها وانبثاث جواهرها ، فإذا ترى على صورة الجبال ولم تبق على حقيقتها.
__________________
(١) القتّات : النمّام. وقيل : هو الّذي يستمع أحاديث الناس من حيث لا يعلمون.
(٢) القمر : ١٢.
(٣) كشط الشيء : رفع عنه شيئا قد غطّاه.