بإذنه ، فكيف يملكه غيرهم بغير إذنه؟ وهذا ردّ لزعم المشركين أنّ آلهتهم شفعاؤهم ، كما حكاه سبحانه عنهم أنّ : (هؤُلاءِ شُفَعاؤُنا عِنْدَ اللهِ) (١).
وروى معاوية بن عمّار عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : «سئل عن هذه الآية فقال : نحن والله المأذون لهم يوم القيامة والقائلون بالصواب. قال : جعلت فداك ؛ ما تقولون؟ قال : نمجّد ربّنا ، ونصلّي على نبيّنا ، ونشفع لشيعتنا ، فلا يردّنا ربّنا». رواه العيّاشي مرفوعا.
وعلى هذا ؛ المراد بالروح أرواح الأنبياء والأوصياء. ويؤيّده ما ورد في الحديث : «أنّ الروح خلق من خلق الله ليسوا بالملائكة ، بل على صورة بني آدم ، وهم يأكلون».
(ذلِكَ الْيَوْمُ الْحَقُ) الكائن لا محالة (فَمَنْ شاءَ اتَّخَذَ إِلى رَبِّهِ) إلى ثوابه وقرب منزلته لديه (مَآباً) مرجعا بالإيمان والطاعة ، فقد أزيحت العلل ، وأوضحت السبل ، وبلّغت الرسل.
ثمّ هدّد سبحانه كفّار مكّة بقوله : (إِنَّا أَنْذَرْناكُمْ عَذاباً قَرِيباً) يعني : عذاب الآخرة. وقربه لتحقّقه ، فإنّ كلّ ما هو آت قريب ، ولأنّ مبدأه الموت (يَوْمَ يَنْظُرُ الْمَرْءُ ما قَدَّمَتْ يَداهُ) يرى ما قدّمه من خير أو شرّ.
وقيل : ينتظر جزاء ما قدّمه ، فإن قدّم الطاعة انتظر الثواب ، وإن قدّم المعصية انتظر العذاب. والمرء عام.
وقيل : هو الكافر ، لقوله : (إِنَّا أَنْذَرْناكُمْ). فمعنى (ما قَدَّمَتْ يَداهُ) هو الشرّ ، كقوله : (وَذُوقُوا عَذابَ الْحَرِيقِ) (٢). (ذلِكَ بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ) (٣).
__________________
(١) يونس : ١٨.
(٢) الأنفال : ٥٠ ـ ٥١.
(٣) الأنفال : ٥٠ ـ ٥١.