بما يعتصم به الكافرات من عقد وسبب. جمع عصمة. والمعنى : لا تكن بينكم وبينهنّ عصمة ولا علقة زوجيّة. وفيه دلالة على عدم جواز العقد على الكافرة ، سواء كانت حربيّة أو ذمّيّة ، لعموم لفظ الكوافر. (وَسْئَلُوا ما أَنْفَقْتُمْ) من مهور نسائكم اللاحقات بالكفّار (وَلْيَسْئَلُوا ما أَنْفَقُوا) من مهور أزواجهم المهاجرات.
(ذلِكُمْ) إشارة إلى جميع ما ذكر في الآية (حُكْمُ اللهِ) وأمره (يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ) استئناف ، أو حال من الحكم على حذف الضمير ، أي : يحكمه الله. أو جعل الحكم حاكما على المبالغة. (وَاللهُ عَلِيمٌ) بجميع الأشياء (حَكِيمٌ) فيما يفعل ، ومن ذلك شرع ما تقتضيه حكمته.
قال الحسن : كان في صدر الإسلام تكون المسلمة تحت الكافر ، والكافرة تحت المسلم ، فنسخته هذه الآية.
وروي : أنّه لمّا نزلت الآية أدّى المؤمنون ما أمروا به من أداء مهور المهاجرات إلى أزواجهنّ المشركين ، وأبى المشركون أن يؤدّوا شيئا من مهور الكوافر إلى أزواجهنّ المسلمين ، فنزلت :
(وَإِنْ فاتَكُمْ) وإن سبقكم وانفلت منكم (شَيْءٌ مِنْ أَزْواجِكُمْ) أحد من أزواجكم. وإيقاع «شيء» موقعه للتحقير والمبالغة في التعميم. أو شيء من مهورهنّ. (إِلَى الْكُفَّارِ فَعاقَبْتُمْ) فجاءت عقبتكم : أي : نوبتكم من أداء المهر. شبّه الحكم بأداء هؤلاء مهور نساء أولئك تارة ، وأداء أولئك مهور نساء هؤلاء اخرى ، بأمر يتعاقبون فيه كما يتعاقب في الركوب وغيره. (فَآتُوا الَّذِينَ ذَهَبَتْ أَزْواجُهُمْ) فآتوا أيّها الحكّام من فاتته امرأته من بيت المال أو الغنيمة (مِثْلَ ما أَنْفَقُوا) مثل مهر المهاجرة ، ولا تؤتوه زوجها الكافر.
وقيل : معناه : إن غزوتم فأصبتم من الكفّار عقبى ـ هي الغنيمة ـ فأتوا الزوج الّذي فاتته امرأته إلى الكفّار من رأس الغنيمة ما أنفقه من مهرها.