قيل : تغلّ يمناه إلى عنقه ، وتجعل يسراه وراء ظهره ، فيؤتى كتابه بشماله من وراء ظهره. وقيل : تخلع يده اليسرى من وراء ظهره. (فَسَوْفَ يَدْعُوا ثُبُوراً) يتمنّى الثبور ويقول : يا ثبوراه ، وهو الهلاك.
(وَيَصْلى سَعِيراً) ويدخل النار ويعذّب بها. وقرأ الحجازيّان والشامي والكسائي : ويصلّى ، كقوله : (وَتَصْلِيَةُ جَحِيمٍ) (١).
(إِنَّهُ كانَ فِي أَهْلِهِ) فيما بين ظهرانيّهم ، أو معهم ، على أنّهم كانوا جميعا مسرورين. يعني : أنّه كان في الدنيا (مَسْرُوراً) مترفا ، بطرا ، مستبشرا بالمال والجاه ، فارغا عن الآخرة ، كعادة الفجّار الّذين لا يهمّهم أمر الآخرة ، ولا يفكّرون في العواقب ، ولم يكن كئيبا حزينا متفكّرا ، كعادة الصلحاء والمتّقين ، وحكاية الله عنهم : (إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِي أَهْلِنا مُشْفِقِينَ) (٢).
(إِنَّهُ ظَنَّ أَنْ لَنْ يَحُورَ) لن يرجع إلى الله تعالى تكذيبا بالمعاد ، فارتكب المآثم ، وانهمك فيها. يقال : لا يحور ولا يحول ، أي : لا يرجع ولا يتغيّر. قال لبيد : يحور رمادا بعد إذ هو ساطع (٣) ، أي : يرجع. عن ابن عبّاس : ما كنت أدري ما معنى «يحور» حتّى سمعت أعرابيّة تقول لبنيّة لها : حوري ، أي : ارجعي.
(بَلى) إيجاب لما بعد «لن» أي : بلى ليحورنّ (إِنَّ رَبَّهُ كانَ بِهِ بَصِيراً) عالما بأعماله ، فلا يهمله ، بل يرجعه ويجازيه عليها. قيل : نزلت الآيتان في أبي سلمة بن عبد الأشدّ وأخيه الأسود بن عبد الأشدّ.
__________________
(١) الواقعة : ٩٤.
(٢) الطور : ٢٦.
(٣) وصدره : وما المرء إلّا كالشّهاب وضوئه.
أي : ليس حال المرء وحياته وموته بعد ذلك ، إلّا كحال الشهاب وضوئه ، يصير رمادا بعد إضاءته.