وقرأ ابن عامر والكوفيّون «أكرمن» و «أهانن» بغير الياء في الوقف والوصل. وعن أبي عمرو مثله. ووافقهم نافع في الوقف. وقرأ ابن عامر والكوفيّون بالتشديد.
ثمّ بيّن سبحانه أسوأ فعله الّذي يستحقّ به الهوان ، فقال : (بَلْ لا تُكْرِمُونَ الْيَتِيمَ) أي : بل فعلهم أسوأ من قولهم ، وأدلّ على تهالكهم على المال ، وهو أنّ الله يكرمهم بكثرة المال ، وهم لا يكرمون اليتيم بالتفقّد والمبرّة. وخصّ اليتيم لأنّه لا كافل لهم يقوم بأمرهم ، وقد قال صلىاللهعليهوآلهوسلم : «أنا وكافل اليتيم كهاتين في الجنّة». وأشار بالسبّابة والوسط.
(وَلا تَحَاضُّونَ عَلى طَعامِ الْمِسْكِينِ) ولا يحثّون أهلهم على طعام المسكين فضلا عن غيرهم. وقرأ الكوفيّون : ولا تحاضّون ، أي : لا يحثّ بعضهم بعضا على طعامه.
(وَتَأْكُلُونَ التُّراثَ أَكْلاً لَمًّا) ذا لمّ ، أي : جمع بين الحلال والحرام ، فإنّهم كانوا لا يورّثون النساء والصبيان ، ويأكلون أنصباءهم من الميراث. أو تأكلون ما جمعه المورّث من حلال وحرام عالمين بذلك ، فتجمعون في الأكل بين حرامه وحلاله.
ويجوز أن يذمّ الوارث الّذي ظفر بالمال سهلا مهلا من غير أن يعرق جبينه ، فيسرف في إنفاقه ، ويأكله أكلا واسعا ، جامعا بين ألوان المشتهيات من الأطعمة والأشربة والفواكه ، كما يفعل الورّاث البطّالون.
(وَتُحِبُّونَ الْمالَ حُبًّا جَمًّا) كثيرا شديدا مع الحرص والشره ومنع الحقوق. وقرأ أبو عمرو : «لا يكرمون» إلى قوله : «ويحبّون» بالياء.
(كَلَّا) ردع لهم عن ذلك وإنكار لفعلهم. ثمّ أتى بالوعيد وذكر تحسّرهم على ما فرّطوا فيه حين لا تنفع الحسرة ، فقال : (إِذا دُكَّتِ الْأَرْضُ دَكًّا دَكًّا) دكّا بعد دكّ ، أي : كرّر عليها الدكّ ، فكسر ودقّ كلّ شيء على ظهرها ، من جبال وتلال