وقرأ ابن كثير وأبو عمرو والكسائي : فكّ رقبة أو أطعم ، على الإبدال من «اقتحم».
واعلم أنّ «لا» الداخلة على «اقتحم» وإن كانت غير متكرّرة لفظا ، لكن متكرّرة معنى ، لأنّ معنى (فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ) : فلا فكّ رقبة ، ولا أطعم مسكينا. ألا ترى أنّه فسّر اقتحام العقبة بذلك. فلا يقال : إنّه قلّ ما تقع «لا» على الماضي إلّا مكرّرة ، فما لها لم تكرّر في الكلام الأفصح؟
(ثُمَّ كانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا) عطفه على «اقتحم» أو «فكّ» بـ «ثمّ» لتباعد الإيمان عن العتق والإطعام في الرتبة والفضيلة ، لا في الوقت ، لاستقلاله ، واشتراط سائر الطاعات به ، فلا يثبت عمل صالح إلّا به ، فهو السابق المقدّم على غيره ، والأصل في كلّ طاعة ، والأساس في كلّ خير.
(وَتَواصَوْا) أوصى بعضهم بعضا (بِالصَّبْرِ) على الإيمان والثبات عليه.
أو بالصبر عن المعاصي ، وعلى الطاعات والمحن الّتي يبتلي بها المؤمن (وَتَواصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ) بالرحمة ، بأن يكونوا متراحمين متعاطفين. أو بما يؤدّي إلى رحمة الله تعالى.
(أُولئِكَ أَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ) اليمين ، أو اليمن ، بمعنى : الميامين على أنفسهم.
(وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِنا هُمْ أَصْحابُ الْمَشْأَمَةِ) الشمال ، أو الشؤم ، بمعنى : المشائيم عليهم. ولتكرير ذكر المؤمنين باسم الإشارة ، والكفّار بالضمير ، شأن لا يخفى.
(عَلَيْهِمْ نارٌ مُؤْصَدَةٌ) مطبقة ، فلا يفتح لهم باب ، ولا يخرج عنها غمّ ، ولا يدخل فيها روح آخر الأبد. من : أوصدت الباب إذا أطبقته وأغلقته. وقرأ أبو عمرو وحمزة وحفص بالهمزة ، من : آصدته بمعناه.