نخلة. ثمّ ذهب إلى النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم فقال : يا رسول الله إنّ النخلة قد صارت في ملكي ، فهي لك. فذهب رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم إلى صاحب الدار ، فقال له : النخلة لك ولعيالك» (١).
وعن عطاء قال : اسم الرجل أبو الدحداح. فأنزل الله تعالى هذه السورة في شأنه ، وأقسم بعظم نعمه (إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى).
ثمّ فصّل تشتّت المساعي بقوله : (فَأَمَّا مَنْ أَعْطى) أي : أعطى ماله لله تعالى. يعني : أبا الدحداح. (وَاتَّقى) الله ولم يعصه (وَصَدَّقَ بِالْحُسْنى) بالكلمة الحسنى ، وهي ما دلّت على حقّ ، ككلمة التوحيد. أو بالملّة الحسنى ، وهي ملّة الإسلام. أو بالمثوبة الحسنى ، وهي الجنّة. (فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرى) فسنهيّئه للخلّة الّتي تؤدّي إلى يسر وراحة ، كدخول الجنّة. من : يسّر الفرس إذا هيّأه للركوب بالسرج واللجام. ومنه قوله عليهالسلام : «كلّ ميسّر لما خلق له».
والمعنى : فسنلطف به ونوفّقه ، حتّى تكون الطاعة أيسر الأمور عليه وأهونها. من قوله : (فَمَنْ يُرِدِ اللهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ) (٢).
(وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ) بما أمر به. يعني : صاحب النخلة. (وَاسْتَغْنى) وزهد فيما عند الله ، حتّى كأنّه مستغن عنه فلم يتّقه. أو استغنى بشهوات الدنيا عن نعيم العقبى. فهو في مقابلة «واتّقى». (وَكَذَّبَ بِالْحُسْنى) بإنكار مدلولها (فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرى) للخلّة المؤدّية إلى العسر والشدّة ، كدخول النار. يعني : فسنخذله ونمنعه الألطاف ، حتّى تكون الطاعة أعسر شيء عليه وأشدّه. من قوله : (يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً كَأَنَّما يَصَّعَّدُ فِي السَّماءِ) (٣).
وقيل : سمّي طريقة الخير باليسرى ، لأنّ عاقبتها اليسر ، وطريقة الشرّ بالعسرى ، لأنّ عاقبتها العسر. والمعنى : فسنهديهما للطريقين في الآخرة.
__________________
(١) الوسيط ٤ : ٥٠٢.
(٢) الأنعام : ١٢٥.
(٣) الأنعام : ١٢٥.