(وَما يُغْنِي عَنْهُ مالُهُ) نفي ، أو استفهام إنكار (إِذا تَرَدَّى) هلك. تفعّل من الردى. أو تردّى في حفرة القبر ، أو قعر جهنّم.
(إِنَّ عَلَيْنا لَلْهُدى) إنّ الإرشاد إلى الحقّ واجب علينا بنصب الدلائل وبيان الشرائع ، كقوله : (وَعَلَى اللهِ قَصْدُ السَّبِيلِ) (١). فأمّا الاهتداء فإليكم.
(وَإِنَّ لَنا لَلْآخِرَةَ وَالْأُولى) فنعطي في الدارين ما نشاء لمن نشاء. أو ثواب الاهتداء للمهتدين في الدارين ، كقوله : (وَآتَيْناهُ أَجْرَهُ فِي الدُّنْيا وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ) (٢). أو نستغني عن اهتدائكم ، لأنّ لنا الآخرة والأولى ، فلا يضرّنا ترككم الاهتداء.
(فَأَنْذَرْتُكُمْ ناراً تَلَظَّى) تتلهّب (لا يَصْلاها) لا يلزمها مقاسيا شدّتها (إِلَّا الْأَشْقَى) إلّا الكافر ، وهو صاحب النخلة ، فإنّ الفاسق وإن دخلها لا يلزمها ، بل يخرج عنها بالآخرة لإيمانه. ولذلك سمّاه أشقى ، فكأنّ النار لم تخلق إلّا له ، ووصفه بقوله :
(الَّذِي كَذَّبَ وَتَوَلَّى) أي : كذّب الحقّ ، وأعرض عن الطاعة. وقيل : المراد بـ (ناراً تَلَظَّى) طبقة مخصوصة بعينها للأشقى ، لا كلّ طبقات النار. ويدلّ عليه التنكير الّذي يدلّ على عظمها وانفرادها من بين طبقاتها.
إن قلت : هذا لا يناسب قوله : (وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى) لأنّه قد علم أنّ أفسق المسلمين يجنّب تلك النار المخصوصة ، لا الأتقى منهم خاصّة.
قلت : هذا المعنى من حيث المفهوم ، والمفهوم عندنا ليس بحجّة.
(وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى) الّذي اتّقى الشرك والمعاصي. وهو أبو الدحداح ، فإنّه لا يدخلها ، فضلا عن أن يدخلها ويصلاها.
__________________
(١) النحل : ٩.
(٢) العنكبوت : ٢٧.