فيها قدرا عظيما وثوابا جزيلا. وقيل : لأنّه أنزل فيها ملك ذو قدر ، كتابا ذا قدر ، من عند ملك ذي قدر ، إلى رسول ذي قدر ، لأجل أمّة ذات قدر.
وذكر «ألف» إمّا للتكثير ، أو لما روي : أنّه صلىاللهعليهوآلهوسلم ذكر إسرائيليّا لبس السلاح في سبيل الله ألف شهر ، فعجب المؤمنون من ذلك ، وتقاصرت إليهم أعمالهم ، فأعطوا ليلة القدر ، هي خير من مدّة غزوة هذا الغازي.
وقيل : إنّ الرجل فيما مضى ما كان يقال له عابد حتّى يعبد الله ألف شهر ، فأعطوا ليلة إن أحيوها كانوا أحقّ بأن يسمّوا عابدين من أولئك العبّاد.
واختلفوا في أنّها أيّة ليلة؟ فذهب قوم إلى أنّها إنّما كانت على عهد النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ثمّ رفعت. وجاءت الرواية عن أبي ذرّ أنّه قال : «قلت : يا رسول الله ليلة القدر هي شيء يكون على عهد الأنبياء ، ينزّل الله فيها الملائكة ، فإذا قبضوا رفعت؟ قال : لا بل هي إلى يوم القيامة».
وقيل : إنّها في ليالي السنة كلّها. ومن علّق طلاق امرأته على ليلة القدر لم يقع إلى مضيّ السنة. وهو مذهب أبي حنيفة. وفي بعض الروايات عن ابن مسعود : أنّه قال : من يقم الحول كلّه يصبها. فبلغ ذلك عبد الله بن عمر فقال : رحم الله أبا عبد الرحمن ، أما إنّه علم أنّها في شهر رمضان ، ولكنّه أراد أن لا يتّكل الناس.
وجمهور العلماء على أنّها في شهر رمضان في كلّ سنة. ثم اختلفوا في أيّ ليلة هي منه؟ فقيل : هي أوّل ليلة منه. عن ابن زيد العقيلي. وقيل : هي ليلة سبع عشرة منه. عن الحسن. وروي : أنّها ليلة الفرقان ، وفي صبيحتها التقى الجمعان.
والصحيح أنّها في العشر الأواخر من شهر رمضان. وهو مذهب الشافعي. ةوروي مرفوعا : أنّه صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : «التمسوها في العشر الأواخر من شهر رمضان». وعن عليّ عليهالسلام : «أنّ النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم كان يوقظ أهله في العشر الأواخر من رمضان».