أَخْبارَها) أي : تحدّث الخلق أخبارها. فحذف المفعول الأوّل ، لأنّ المقصود ذكر تحديثها الأخبار ، لا ذكر الخلق ، تعظيما لليوم. وتحديث الأرض مجاز عن إحداث الله فيها من الأحوال ما يقوم مقام التحديث باللسان ، حتّى ينظر من يقول : ما لها؟ إلى تلك الأحوال ، فيعلم لم زلزلت؟ ولم لفظت الأموات؟ وأنّ هذا ما كانت الأنبياء ينذرونه ويحذّرون منه.
وقيل : ينطقها الله على الحقيقة ، وتخبر بما عمل عليها من خير وشرّ ، كما في الحديث أنّ النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : «أتدرون ما أخبارها؟ قالوا : الله ورسوله أعلم. قال : أخبارها أن تشهد على كلّ عبد وأمة بما عمل على ظهرها ، وتقول : عمل كذا وكذا يوم كذا وكذا. فهذا أخبارها».
وعلى هذا ؛ يجوز أن يكون الله تعالى أحدث الكلام فيها.
(بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحى لَها) أي : تحدّث بسبب إيحاء ربّك لها ، بأن أحدث فيها ما دلّت على الأخبار ، أو أنطقها بها. ويجوز أن يكون بدلا من «أخبارها» إذ يقال : حدّثته كذا وبكذا. واللام بمعنى «إلى» ، أو على أصلها ، إذ لها في ذلك تشفّ من العصاة. وعن أبي سعيد الخدري : إذا كنت في البوادي فارفع صوتك بالأذان ، فإنّي سمعت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يقول : «لا يسمعه جنّ ولا إنس ولا حجر إلّا يشهد له».
(يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ) من مخارجهم ، من القبور إلى الموقف (أَشْتاتاً) متفرّقين بحسب مراتبهم ، بيض الوجوه آمنين ، وسود الوجوه فزعين. أو يصدرون عن الموقف أشتاتا ، يتفرّق بهم طريقا الجنّة والنار. (لِيُرَوْا أَعْمالَهُمْ) جزاء أعمالهم.
ثمّ فصّل إراءة الأعمال بقوله : (فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ) أي : ير ما يستحقّ عليه من الثواب.
(وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ) وقرأ هشام بإسكان الهاء. و «من» الأولى