يَدُعُّ الْيَتِيمَ) يدفعه دفعا عنيفا بجفوة وأذى ، ويردّه ردّا قبيحا بزجر وخشونة. وهو أبو جهل ، كان وصيّا ليتيم فجاءه عريانا يسأله من مال نفسه فدفعه. أو أبو سفيان ، نحر جزورا فسأله يتيم لحما فقرعه بعصاه. أو الوليد بن المغيرة. أو منافق بخيل.
(وَلا يَحُضُ) ولا يبعث أهله وغيرهم (عَلى طَعامِ الْمِسْكِينِ) على بذله ، لعدم اعتقاده بالجزاء ، ولذلك رتّب الجملة على تكذيب الجزاء بالفاء. يعني : أنّه لو آمن بالجزاء وأيقن بالوعيد لخشى الله وعقابه ، ولم يقدم على ذلك ، فحين أقدم عليه علم أنّه مكذّب.
ثمّ وصل به قوله : (فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ) كأنّه قال : إذا كان الأمر كذلك فويل للمصلّين (الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ ساهُونَ) أي : تاركوها مع أنّها عماد الدين ، لقلّة مبالاتهم بها حتّى تفوتهم. أو لا يصلّونها كما صلّاها رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، بل ينقرونها نقرا من غير حفظ أركانها وشرائطها وآدابها ، من خشوع وإخبات.
وقيل : يريد المنافقين الّذين لا يرجون لها ثوابا إن صلّوا ، ولا يخافون عليها عقابا إن تركوا ، فهم عنها غافلون حتّى يذهب وقتها ، فإذا كانوا مع المؤمنين صلّوها رياء ، وإذا لم يكونوا معهم لم يصلّوا.
وعن أبي أسامة ، عن زيد الشحّام قال : سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن قول الله تعالى : (الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ ساهُونَ). قال : «هو الترك لها ، والتواني عنها».
وعن محمد بن الفضيل عن أبي الحسن عليهالسلام قال : «هو التضييع لها».
(الَّذِينَ هُمْ يُراؤُنَ) الناس أعمالهم ليروهم الثناء عليها ، فإنّ المراآة مفاعلة من الإراءة ، والمرائي يري الناس عمله ، وهم يرونه الثناء عليه والإعجاب به. وعن بعضهم : أنّه رأى رجلا في المسجد قد سجد سجدة الشكر وأطالها ، فقال : ما أحسن هذا لو كان في بيتك. وإنّما قال هذا لأنّه توسّم فيه الرياء والسمعة. على أنّ اجتناب الرياء صعب إلّا على المرتاضين بالإخلاص. ومن ثمّ قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «الرياء